مسألة 16 - ذكر جماعة أنه يجوز لكل من المالكين المتجاوزين التصرف في ملكه بما شاء وحيث شاء وإن استلزم ضررا على الجار، لكنه مشكل على إطلاقه، والأحوط عدم جواز ما يكون سببا لعروض الفساد في ملك الجار، بل لا يخلو من قرب إلا إذا كان في تركه حرج أو ضرر عليه، فحينئذ يجوز له التصرف، كم إذا دق دقا عنيفا انزعج منه حيطان داره بما أوجب خللا فيها، أو حبس الماء في ملكه بحيث تنشر منه النداوة في حائطه، أو أحدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار أوجب فساد مائها بل وكذا لو حفر بئرا بقرب بئره بقرب بئره إذا أوجب نقص مائها وكان ذلك من جهة جذب الثانية ماء الأولى، وأما إذا كان من جهة أن الثانية لكونها أعمق ووقوعها في سمت مجرى المياه ينحدر فيها الماء من عروق الأرض قبل أن يصل إلى الأول فالظاهر أنه لا مانع منه، والمائر بين الصورتين يدركه أولوا الحدس الصائب من أهل الخبرة، وكذا لا مانع من إطالة البناء وإن كان مانعا من الشمس والقمر والهواء، أو جعل داره مدبغة أو مخبزة مثلا وإن تأذى الجار من الريح والدخان إذا لم يكن بقصد الايذاء، وكذا إحداث ثقبة في جداره إلى دار جاره موجبة للاشراف أو لانجذاب الهواء فإن المحرم هو التطلع على دار الجار لا مجرد ثقب الجدار.
مسألة 17 - لا يخفى أن أمر الجار شديد، وحث الشرع الأقدس على رعايته أكيد، والأخبار في وجوب كف الأذى عن الجار وفي الحث على حسن الجوار كثيرة لا تحصى، فعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
" ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " وفي حديث آخر " أنه صلى الله عليه وآله أمر عليا عليه السلام وسلمان وأبا ذر - قال الراوي:
ونسيت آخر وأظنه المقداد - أن ينادوا في المسجد بأعلى صوتهم بأنه لا إيمان لمن لم يأمن جاره بواثقه، فنادوا بها ثلاثا " وفي الكافي عن الصادق عن