من أين يخرج سهم أحدهما؟ فقال زرارة: إذا كان ذلك جعل معه سهم مبيح - ويحتمل أن يكون منيح بالنون وهو أحد سهام الميسرة العشرة مما لا نصيب له - فإن كانا ادعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح (1).
وهذه الرواية وإن كان فيها إشكال من جهة ظهورها في التسالم بين زرارة والطيار على أن مورد القرعة ما إذا كان هناك محق واقعا، مع أنك قد عرفت عدم الاختصاص به، إلا أن ظهورها في أنه لم توضع القرعة على التجارب، بل إنما هي فيما فوضوا أمرهم إلى الله تعالى، لا ينبغي أن ينكر.
ويستفاد من بعض الروايات المتقدمة اعتبار التفويض قبل القرعة، ومن بعضها اعتباره بعدها، ومن بعضها أن القرعة هي نفس التفويض إلى الله تعالى، والمستفاد من المجموع بعد التأمل أن مورد القرعة ما إذا كان المراد الكشف عن الواقع، أو تعين أحد الأمور، وأما إذا كان المراد بها التجربة ونحوها، فلا مجال لها، والظاهر أنه ليس المراد لزوم التوجه إلى الله تعالى وطلب البيان منه (2)، حتى يكون فيه شائبة العبادية، بل المراد كون إعمالها لغرض جدي ومقصود أصلي، وهو ما ذكرنا.