دينار وألف ثوب فقال: خذ أيها شئت قراضا بالنصف، كان باطلا لأنه لم يعين رأس المال، وكذلك لو أحضر ألف دينار وألف درهم، فقال: خذ أيهما شئت قراضا، كان فاسدا لأنه ما عين رأس المال، فهو كما لو قال في المبيع: بعتك هذا العبد بأحد هذين الجنسين، كان فاسدا.
فإن دفع إليه ألفا قراضا فقال: على أن لك نصف ربحها، صح بلا خلاف، وإن قال: على أن لك ربح نصفها، كان باطلا عند قوم، والصحيح أنه جائز، ولا فرق بينهما، ومن قال: يبطل، قال: لأن موضوع القراض على أن ما رزق الله من ربح كان بينهما على ما يشترطانه، ولا يربح المال حبة إلا وهو بينهما، فإذا قال:
ربح نصفه، فسد من الجانبين، من جانب العامل لأنه يأخذ ربح نصفه لا حق لرب المال فيه، ولرب المال ربح النصف الآخر لا حق للعامل فيه، وربما ربح نصفه وانفرد أحدهما به، فلهذا بطل.
وهذا ليس بشئ لأن النصف الذي جعل له ربحه، مشاع غير مقسوم، فلا درهم منها إلا وله ربح نصفه إنما كان يؤدي إلى ذلك لو كانت الخمسمائة معينة.
فإن دفع إليه بغلا وقال: تركبه وتستعمله فيما ينقل عليه، والفائدة بيننا نصفان، كانت هذه معاملة فاسدة لأن القراض هو أن يتصرف العامل في رقبة المال، وهاهنا تستبقي الرقبة، فإذا عمل كان الفضل كله لرب المال، وللعامل أجرة مثله، وإن أعطاه شبكة يصطاد بها فما رزق الله من صيد كان بينهما نصفين، كان الصيد للعامل، ولرب الشبكة عليه أجرة مثل شبكته.
والفصل بينهما أن العمل للبغل، وعمل العامل تابع، فلهذا كان الفضل كله لرب البغل، وليس كذلك الشبكة لأن الأصل عمل العامل بدليل أن الصيد يضاف إليه والشبكة تبع، فلهذا كان الصيد للصياد، وعليه أجرة مثل الشبكة، لأنه دخل على أن له نصف الصيد بها، فإذا لم يسلم له المسمى كان على العامل رد المنافع وقد أتلفها وتعذر ردها، فكان عليه بدلها وبدلها أجرة مثلها.