فإذا تقرر هذا رجعنا إلى رب الغراس، فقلنا: قد خيرنا رب الأرض بين ثلاثة أشياء، بين القيمة، والقلع، والأجرة، ما تقول أنت؟ فإن اتفقا على شئ اقرأ على ما اتفقا عليه، وإن اختلفا نظرت: فإن قال رب الأرض: اقلع وعلي ما نقص، وقال العامل: بل أقره في أرضك ولك الأجرة، قدمنا قول رب الأرض، لأن العامل لا يملك إقرار غرسه في أرض غيره، إذا لم يكن عليه في تحويله ضرر، لأن رب الأرض يضمن له ما نقص.
فإن كانت بالضد فقال الغارس: أعطني ما نقص لأقلع، وقال رب الأرض:
أقره في أرضي وعليك الأجرة، فالقول قول الغارس، ويقال لرب الأرض: إما أن يقلع وعليك ما نقص أو تقره في أرضك بغير أجرة، هذا إذا اختلفا في القلع والأجرة.
فأما إن اختلفا في القيمة والقلع، فقال رب الأرض: خذ القيمة ليكون الكل لي، وقال الغارس: بل أقلع أنا وعليك ما نقص، قدمنا قول الغارس، لأنه لا يجبر على بيع غرسه.
فإن كانت بالضد فقال الغارس: أعطني القيمة، وقال رب الأرض: بل اقلع وعلي ما نقص، قدمنا قول رب الأرض لأن رب الأرض لا يجبر على شراء الغراس.
وإن اختلفا في القيمة والأجرة، فقال رب الأرض: خذ القيمة، وقال الغارس:
بل أقره ولك الأجرة، أو قال العامل: أعطني القيمة ليكونا لك، وقال رب الأرض: بل أعطني الأجرة لأقره في أرضي، لم يجبر واحد منهما على ما يطلبه صاحبه، فحصلت ثلاثة فصول في كل فصل مسألتان: مسألتان في القلع والأجرة، ومسألتان في القيمة والقلع، ومسألتان في القيمة والأجرة.