النصف لأنه دخل على أن له نصفه منه، ولا يستحق أكثر مما شرط لنفسه، و يفارق ربح الغاصب لأن رب المال ما شرط لنفسه بعض الربح، ولهذا كان كله له، والنصف الباقي فهو بين العامل الأول والثاني نصفين، لأن الأول قال للثاني: على أن ما رزق الله من ربح كان بيننا نصفين، فهذا النصف هو القدر الذي رزق الله وكان بيننا.
وهل يرجع العامل الثاني على الأول أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما لا يرجع عليه بشئ، لأنه يسلم ما شرط من الربح ولا أجر له مع حصول المسمى، والوجه الثاني يرجع الثاني على الأول بنصف أجرة مثله، لأنه دخل على أن يسلم له نصف كل الربح فلم يسلم له إلا نصف ما شرط له، فكان له أن يرجع بنصف أجرة مثله.
فخرج من هذا أن لرب المال نصف الربح، والنصف الباقي بين العامل الأول والثاني نصفين، فهل للثاني على العامل الأول نصف أجرة مثله؟ على وجهين.
ومن قال: ربح الغاصب لنفسه ولا حق لرب المال فيه، فعلى هذا ما حكم الربح؟ منهم من قال: إن الربح كله للعامل الأول وللثاني على الأول أجرة مثله، ومنهم من قال: الربح كله للعامل الثاني لا حق للأول فيه لأنه هو المتعدي في التصرف فهو كالغاصب وربح الغاصب كله لنفسه، والأول أقوى لأن العامل الثاني وإن كان متعديا فإنه لما اشترى في ذمته بنية أنه للأول وقع الشراء للأول وحده، وملك المبيع دون كل أحد، وكان الربح كله له، لأنه ربح ملكه.
ويفارق الغصب لأن الغاصب اشتراه لنفسه، فكان الملك له وحده، فلهذا كان الربح له، وللعامل أجرة مثله على الأول، لأنه دخل على أن يسلم له المسمى من الربح، فإذا لم يسلم، كان له أجرة مثله، فعلى هذا لا شئ لرب المال في الربح قولا واحدا، ولمن يكون الربح؟ على وجهين: أحدهما للعامل الثاني لا شئ لغيره فيه، والثاني للأول وعلى للثاني أجرة مثله، هذا الكلام في الربح.