استأجرتك لتحمل هذه الصبرة كل قفيز منها بدرهم، وما زاد على الصبرة الأخرى فبحساب ذلك، فإن العقد جائز في الصبرة المشاهدة وباطل في الصبرة الغائبة، لأن شرط صحة العقد قد وجد في إحديهما وهي المشاهدة، ولم يوجد في الأخرى، فصح فيما وجد فيه وبطل فيما لم يوجد فيه.
وإذا كان له صبرة واحدة مشاهدة يتيقن المكتري أن فيها عشرة أقفزة، وشك في الزيادة، فيقول: استأجرتك لتحمل عشرة أقفزة كل قفيز بدرهم وما زاد فبحسابه، فيصح العقد في عشرة أقفزة لأنها معلومة، ويبطل فيما زاد لأن وجودها مشكوك فيه، لأنه لا يدري هل تزيد على عشرة أقفزة أو لا تزيد، والعقد على ما لم يتحقق وجوده عقد على غرر، فلم يجز.
وإذا قال: استأجرتك لحمل هذه الصبرة لتحمل عشرة أقفزة منها كل قفيز بدرهم وما زاد فبحسابه، فإنه جائز ويصير كأنه قال: استأجرتك لتحمل هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، ومثل ذلك جائز في البيع، وهو إذا قال: اشتريت منك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، أو قال: بعتكها كل قفيز بدرهم، ويفارق إذا قال:
آجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم، عند من قال: لا يجوز، لأن جملة المدة مجهولة المقدار، وليس كذلك هاهنا لأن الجملة معلومة بالمشاهدة.
إذا قال: استأجرتك لتحمل من هذه الصبرة عشرة أقفزة على أن تحمل ما زاد عليها بحسابه، أو قال: استأجرتك لتحمل الصبرة كل قفيز بدرهم على أن تحمل الصبرة الأخرى على حسابها لم يجز، لأنه في معنى البيعتين في بيعة، وذلك منهي عنه، ويقوى عندي أنه يجوز لأن بيعتين في بيعة عندنا جائز.
إذا اكترى رجلا ليحمل له من صبرة مشاهدة عشرة أقفزة فكيل ذلك وحمله - مثل أن يكون قد نقله من بغداد إلى الكوفة - فوجد خمسة عشر قفيزا، لم يخل ذلك من أحد ثلاثة أحوال: إما أن يكون المكتري هو الذي اكتالها من تلك الصبرة وحملها على بهيمة المكري، أو اكتالها الحمال، أو إنسان أجنبي.
فإن كان المكتري هو الذي اكتالها وحملها على البهيمة، فالكلام فيه في