سلم العمل، وإذا تلف المال بعد العمل فقد تلف العمل الذي هو المعوض قبل التسليم، فهو كما لو تلف المثمن قبل التسليم فلا يستحق الأجرة، كما لا يستحق البائع الثمن إذا تلف المثمن قبل التسليم.
وأما الضمان فإن تلف بغير تعد منه ولا جناية فلا ضمان عليه، وإن تلف بجناية فعليه قيمته وقت الجناية، وإن تلف بعد تعديه فيه مثل أن يكون ثوبا فاستعمله فإنه يضمنه لأن أمانته بطلت بالتعدي وعليه قيمته أكثر ما كانت من حين التعدي إلى أن تلف.
إذا استأجره ليحجم حرا أو عبدا أو يعلمه صنعة، فتلف فلا ضمان عليه، فأما الحر فلا يضمنه، لأن اليد لا تثبت عليه، وأما العبد فإن كان في يد صاحبه فلا ضمان إلا بالتعدي وإن لم يكن في يد صاحبه فكذلك لا يضمن إلا بالتعدي، وقال قوم: إنه يضمن، والأول أصح.
وإذا استأجره ليحمل شيئا وينقله من موضع إلى موضع فحمله فتلف في الطريق، فإن كان صاحبه معه فلا يضمنه إلا إذا تعدى أو فرط بلا خلاف، وإن لم يكن معه فكذلك لا يضمن عندنا إلا بالتعدي، وقال قوم: يضمن.
وإذا استأجر من يخبز له في تنور أو فرن فخبز له واحترق الخبز أو شئ منه فإنه ينظر: فإن كان خبز في حال لا يخبز في مثله لاستيقاد النار وشدة التلهب ضمنه لأنه مفرط، وإن كان خبزه في حال يخبز مثله فيه، ينظر: فإن كان في يد صاحب الخبز فلا ضمان على الأجير بلا خلاف، وإن لم يكن في يده فلا يضمن عندنا إلا بتفريط، وفيهم من قال: يضمن وإن لم يفرط.
إذا اكترى دابة ليركبها أو يحمل عليها فضربها ضرب العادة في تسيير مثلها فتلفت فلا ضمان عليه في ذلك، وإن كان خارجا عن العادة لزمه الضمان، وكذلك إن كبحها باللجام، فعلى هذا التفصيل، لأن الأصل براءة الذمة لأن ذلك معلوم بالعادة، وفيه خلاف، فأما إذا ضرب عليه الأكاف أو السرج أو اللجام فماتت فلا يضمن بلا خلاف.