مذهبنا.
وإن قلنا: يرجعان إلى القرعة، فمن خرج اسمه حلف وحكم له به كان قويا.
إذا زرع رجل أرض غيره ثم اختلف هو ورب الأرض فقال الزارع:
أعرتنيها، وقال رب الأرض: بل أكريتكها، وليس مع واحد منهما بينة، فالقول قول رب الأرض مع يمينه، وقال قوم: إن القول قول الزارع، والأول أقوى، لأن العادة جرت بإكراء الأرضين دون العارية، ووجه الثاني أن الأصل براءة الذمة، والأحوط أن يستعمل القرعة.
فمن قال: القول قول الزارع، فإذا حلف أنه أعارها إياه وما اكتراه ثبت أنها عارية، ولا أجرة عليه من حين الزرع إلى حين اختلفا وحلف، وله الرجوع عن العارية التي ثبتها الزارع بيمينه، غير أنه لا يمكن قلع الزرع لأنه مأذون له فيه، وعليه أجرة المثل من ذلك الوقت إلى أن يدرك ويستحصد.
ومن قال: القول قول رب الأرض، حلف بالله لقد أكراها وما أعارها، فإذا حلف كانت له الأجرة من حين زرع، وللزارع التبقية حتى يدرك ويستحصد ولا يجبر على القلع، لأنه ثبت أنه زرع بعقد الإجارة، فإن امتنع الزارع من تسليم الأجرة أجبر على ذلك، ويلزمه أجرة المثل دون المسمى، لأنه قبل يمينه في ذلك، ولو قبل في المسمى ربما ادعى مالا عظيما فيؤدى ذلك إلى أن يلزمه ذلك بيمينه ابتداء، وذلك لا يجوز.
وإن اختلف الغسال وصاحب الثوب، فقال: أمرتني بغسله، وأنكر صاحب الثوب، فالقول قول رب الثوب مع يمينه.
وإن اختلف الراكب ورب الدابة فقال الراكب: أعرتنيها، وقال رب الدابة:
بل غصبتنيها، فالقول قول رب الدابة، لأن الراكب يدعي الإذن عليه في الركوب، وهو ينكره، والأصل عدم الإذن، وفيهم من قال: القول قول المدعي للعارية، لأن الأصل براءة الذمة.