الحنطة.
وإذا أذن له في الغراس فهل له أن يبني أم لا؟ أو أذن له في البناء فهل له أن يغرس؟ قيل فيه وجهان: أحدهما ليس له ذلك، وهو الصحيح لأن ضرر أحدهما مخالف لضرر الآخر، والثاني له ذلك لأن ضررهما متقارب.
فإذا تقرر هذا فإنه يجوز أن يطلق الإذن له في ذلك، ولا يقدر المدة لأنه ليس من شرط العارية تقدير المدة بلا خلاف وإن قدر المدة كان جائزا بلا خلاف أيضا، وتقديرها أولى وأحوط.
فإذا ثبت جوازهما فإن أطلق له وأذن في الغراس والبناء كان له أن يبني ويغرس ما لم يمنعه من ذلك، فإذا منعه لم يكن له بعد المنع أن يحدث شيئا من ذلك لأنه إنما جاز له الاستحداث بالإذن فإذا منعه من ذلك سقط الإذن، وإن كانت المدة مقدرة كان له أن يغرس ويبني ما لم تنقض المدة، فإذا انقضت المدة لم يكن له أن يحدث شيئا بعد المنع.
إذا تقرر ذلك فإذا غرس أو بني أو انتفع بسائر ما ذكرناه من وجوه الانتفاع الذي ليس له على حسب ما مضى كان متعديا بذلك، وله أن يطالبه بقلعه من غير شئ يضمنه لقول النبي صلى الله عليه وآله: ليس لعرق ظالم حق، وروي أن رجلا غصب أرضا لأنصاري وغرس فيها فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله فأمر بقلعها، قال الراوي: فلقد رأيتها والغروس تعمل في أصولها وإنها لنخل عم.
فإذا ثبت أن عليه قلعها فإن عليه أجرة المثل إن كان تعدى بذلك من حين تسلم العارية، إن كان تعديه من حين التسليم كانت عليه الأجرة من ذلك الوقت، وإن كان تعدى بعد ذلك بمدة مثل أن يكون منعه من الغرس فخالفه، كانت عليه الأجرة من حين الغراس، لأن ذلك أول وقت التعدي، فإذا قلعها فعليه تسوية الحفر وطمها لأنها حدثت من غير رضا صاحب الأرض، هذا إذا كان متعديا بالغراس.