آخر بدله؟ على هذين الوجهين.
إذا كان له حبوب فحملها السيل إلى أرض رجل فنبتت فيها كان ذلك الزرع لصاحب الحب لأنه عين ماله، كما قلنا في من غصب حبا فزرعه أو بيضا فحضنها عنده وفرخت فإن الزرع والفرخ للمغصوب منه لأنهما عين ماله.
إذا ثبت هذا فليس عليه أجرة الأرض لأنها حصلت فيه بغير صنع منه، وهل لصاحب الأرض أن يطالب صاحب الزرع بقلعه أم لا؟ من الناس من قال:
الحكم فيه كالحكم في الغراس المأذون له فيه في الأرض المستعارة لأنه غير متعد، ومنهم من قال: يجبره على قلعه من غير أرش لأنه لم يأذن له في ذلك، كما نقول في شجرة إذا تشعبت أغصانها ودخلت في ملك لغيره فإن لصاحب الملك أن يجبره على قطعها إذا لم يمكن تحويلها من غير قطع، وهذا أقرب إلى الصواب.
يجوز استعارة الحيوان الذي فيه منفعة لأنه لا مانع منه وهو إجماع سواء كان مما يجوز إجارته أو لا يجوز، مثل الفحل فإنه يجوز إعارته ولا يجوز إجارته ويجوز إعارة الكلب للصيد والانتفاع به، ويجوز إعارة العبد للخدمة، والجارية يجوز إعارتها لامرأة للخدمة ويجوز إعارتها من رجل ذي محرم لها للخدمة وأما إعارتها لأجنبي فإن كانت عجوزا لا يرغب في مثلها جاز بلا خلاف، وإن كانت ذات هيئة كره ذلك ولا يجوز إعارتها للاستمتاع بها لأن البضع لا يستباح بالإعارة، وحكي عن مالك جواز ذلك، وعندنا يجوز ذلك بلفظ الإباحة، ولا يجوز بلفظ العارية.
يكره استعارة الأبوين للخدمة، لأنه يكره استخدامها، وإن استعارها ليرفه عنهما ويخفف عن خدمتهما لسيدهما كان ذلك مستحبا.
لا يجوز إعارة العارية لأنه لا يملك منافعها بعقد الإجارة، وكذلك لا يجوز إعارتها لأنه إذن له في الانتفاع على وجه مخصوص، وكذلك إذا قدم له طعام ليأكله فله أن يأكل ولا يجوز له أن يلقم غيره ولا أن يزل منه معه، لأنه لم يؤذن له