وأما إذا لم يكن تعدى بذلك فإنه لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون قد شرط القلع حين أذن له في ذلك، أو لم يشرط، فإن كان قد شرط وجب عليه القلع لأنه أذن له في الغراس بشرط قلعها، فإذا قلعها فليس عليه تسوية الأرض من الحفر وطمها لأنه مأذون له فيها، وإن كان لم يشرط عليه القلع كان للمستعير أن يقلعها لأنها ملكه، فإن قلعها فهل عليه تسوية الأرض أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما أن عليه ذلك لأنه قلع غير مأذون له فيه، والثاني ليس له ذلك لأنه إنما أذن له في ذلك على أن لصاحب الغرس القلع أي وقت أراد، فإذا كان دخوله في العارية على هذا كان ذلك قلعا مأذونا له فيه كما لو شرط.
فأما إذا لم يقلعها المستعير وطالب المعير بالقلع نظر: فإن طالبه بذلك بشرط أن يضمن له ما ينقص بالقلع لزمه قلعها، لأنه لا ضرر عليه في ذلك لأنه يغرم له ما ينقص، فيقوم قائمة ومقلوعة، ويغرم ما بين القيمتين، وإن قال المعير:
أنا أغرم لك قيمتها، فطالبها بأخذ القيمة كان ذلك له وأجبر المستعير على قبضها، لأنه لا ضرر عليه فيه، وإن قال المستعير: أنا أبقي الغراس وأضمن للمعير قيمة الأرض، لم يكن له ذلك.
فأما إن طالبه من غير أن يضمن له أرش النقصان وأبي ذلك صاحب الغرس لا يجبر عليه، وفي الناس من قال: يجبر عليه ولا يضمن، وهو أبو حنيفة.
دليلنا: قوله عليه السلام: ليس لعرق ظالم حق، وروت عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من بنى في رباع قوم بإذنهم فله قيمته، فأما إذا أذن له إلى سنة ثم رجع قبل مضي السنة وطالب بالقلع من غير أن يضمن الأرش فلا يلزمه القلع إلا بعد الضمان بلا خلاف.
فأما إذا أعاره أرضا يدفن فيها ميتا فإنه لا يجبر على قلع الميت، فإذا ثبت أنه لا يجبر على القلع من غير ضمان فإنه يعرض عليهما البيع، فإن أجابا إلى ذلك بيعت الأرض بغراسها، وكان للمعير من جملة الثمن ما يخص قيمة الأرض وفيها غراس لغيره وللمستعير ما يخص قيمة الغراس في أرض غيره، فيقسم الثمن على