مضمونان شرط فيهما ذلك أو لم يشرط، فإذا ثبت أنها غير مضمونة إلا بالشرط فإذا استعار شيئا وقبضه كان له الانتفاع به، لأن المعير أذن له فيه، وإن نقص من أجزائه بالاستعمال من تصرفه فلا شئ عليه، وإن تعدى أو شرط عليه ضمان ما نقص، لزمه بمقدار ما نقص من الأجزاء، فإن استعار منشفة فأذهب بخملها لا يلزمه ذلك لأن إذنه في استعمالها إذن في ذلك بمجرى العادة، وكذلك سائر الثياب التي تذهب جدتها بالاستعمال على ما جرت به العادة.
العارية لا تضمن فإن كان ذلك بتعد كان ضامنا، هذا إذا ردها.
فأما إذا تلفت قبل أن ينقص من أجزائها شئ وكان شرط ضمانها أو تعدى فيها قومت عليه بإجزائها، لأن الأجزاء المأذون في الاستعمال لا تعلم، وإن تلفت بعد ذهاب الأجزاء، وقد شرط عليه ضمانها وجب عليه ضمان القيمة يوم التلف، لأن ما ذهب من الجزاء مأذون في إذهابها بمجرى العادة، وإذا رد العارية إلى صاحبها أو وكيله برئ من الضمان وإن ردها إلى ملكه مثل أن يكون دابة فيردها إلى إصطبل صاحبها ويشدها فيه لم يبرأ من الضمان.
إذا اختلف صاحب الدابة والراكب فقال الراكب: أعرتنيها مضمونة، وقال صاحبها: أكريتها، فالقول قول الراكب مع يمينه، وعلى صاحبها البينة لأنه يدعي أجرة الركوب، وكذلك إذا اختلف الزارع وصاحب الأرض، فادعى الزارع العارية وادعى صاحب الأرض الكراء، فالقول قول الزارع لمثل ما قلناه.
وفي الناس من قال: المسألتان على قولين، فإذا ثبت ما قلناه فمتى حلف الراكب أو الزارع أسقط عن نفسه الدعوى، وإن نكل ردت يمينه على صاحبها فإذا حلف حكم له بالأجرة المسماة لأن اليمين مع النكول بمنزلة الإقرار والبينة، ومن قال: إن القول قول صاحبها، فإن لم يحلف ونكل سقط حقه ولا يرد على الراكب لأنه ليس يدعي شيئا وإنما يدعى عليه، فإذا لم يحلف سقطت دعواه كالمدعي إذا ردت عليه اليمين فلم يحلف فإنه ينصرف ولا يبقى له حق.
وإن حلف فهل يستحق عوض المثل أو المسمى؟ قيل فيه وجهان: أحدهما