كانوا يتوهمون أن مصافحة الكفار توجب الحدث لشدة خباثتهم عندهم و تبريهم عنهم وعن طريقتهم فلذا صرح الإمام بعدم ايجابها الوضوء ولعله كانت بين الإمام وصاحبه خصوصية أورثت واقتضت ذلك من عدم المخالطة معهم و أمرهم عليهم السلام إياهم بقطع المراودة عنهم - على خلاف العامة القائلين بطهارة أهل الكتاب والمعاشرين لهم - فنشأ من الخصوصية المذكورة التوهم المزبور فردهم عليه السلام عن توهمهم، وأخبرهم بأنه لا يتوضأ المسلم المصافح معهم.
ومنها رواية أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني قال: من وراء الثياب صافحك بيده فاغسل يدك. 1 تقريب الاستدلال بها أنه عليه السلام أمر بغسل اليد لمصافحة اليهودي والنصراني، وليس ذلك إلا لنجاستهما وتنجس يد المصافح بمصافحتهما.
ويمكن أن يورد عليها ما أورد على الرواية السابقة، والجواب هو الجواب.
نعم هنا اشكال يختص بالمقام وهو أنه كيف لم يأمر الإمام عليه السلام بغسل الثياب التي صافحهما المسلم من ورائها والحال أنه لو كانت يدهما تؤثر النجاسة فلا فرق فيه بين يد المصافح وثيابه؟
ويمكن الجواب عنه بوجوه:
أحدها: إن الإمام عليه السلام يريد أن لا تتنجس يد المسلم ولا تتلوث و لذا يرشده إلى ما يحتفظ به على طهارة يده وهو المصافحة من وراء الثياب أي بقطعة من الثوب أو خرقة تكون حائلة بين يده وبين يد الكتابي وإن كان ذلك بأن يأخذ المسلم شيئا من ثوب الكتابي نفسه ويصافحه من ورائه وبيده المغطاة بثوبه لا بثوب نفسه كي لا يتنجس، وعلى الجملة فلا يستفاد من قوله عليه السلام (من