يتخذهم أولياء وبطانة ويكون صلب العود، في مواجهة الكفار، ولا يكون الدين عنده ألعوبة يعبث به فقد أراد الله تعالى أن يكون المسلم متصلبا خشنا في ذات الله، وأن يجعل من الأمة الاسلامية رجالا شجعانا ابطالا يكون الكافر في أعينهم أصغر من ذبابة وأن يكونوا بحيث لو أجمع العالم كله على الكفر والعناد واتفق أهله على الضلال والالحاد ولم يكن من ينتحل الاسلام إلا واحدا فهذا المسلم الواحد يكون معتزا بالاسلام معتدا بشرفه لا يخاف ولا يستوحش بل يقوم وحده حذاء العالم المجمع على الكفر ويقول مخاطبا لهم لا تمسوني ولا تقربوا مني فإنكم بأجمعكم - أيتها الأمة المجتمعة على الكفر والضلال - نجس وأنا وحدي - في ظلال التوحيد والاسلام - طاهر وفيه من رقى الاسلام وكيان المسلم واعلاء كلمة الدين وتحرير الانسان من الخضوع لغير الله ونفخ روح الرجولة والجلادة فيه ما لا يخفى.
والحاصل أن الله تعالى يريد بذلك أن يلهم الأمة الاسلامية الحماسة والاعتماد على النفس والتحفظ على استقلالهم وسؤددهم.
ثم إنه لما كان بين المسلمين والمشركين ارتباط تجاري وكان اقتصادهم بزعمهم منوطا بالمعاشرة معهم والمخالطة والألفة بهم فكانوا يجدون في أنفسهم ضيقا من طرد المشركين على أثر حكم الله تعالى المزبور، وكان يقرء في صفحة وجوههم وجبينهم خطوطا خوف الاملاق والنكبات المالية والخسارات التجارية، فلذا وجه حكمه السابق وعقبه بقوله: " وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء " يعني وإن خفتم في اجراء هذا الحكم و انفاذه الفقر والحاجة وانقطاع المتاجر وتعطل الأسواق وذهاب التجارات بسبب منع المشركين عن دخولهم المسجد، فإنه لا موجب لهذا الخوف، فلا تخالفوا فسوف يغنيكم الله من فضله، وقد وفى الله بوعده هذا، وأنجز وأصلح أمورهم و