الأول: إن الغالب في البلاد الحارة و - منها الحجاز التي هي أرض النبوة و مهبط الوحي ومحل صدور تلك الرواية الشريفة - وهو عدم خلو يد واحد من المصافحين عن الرطوبة السارية، كما أن هذا أمر مجرب محسوس فيها بل و في غيرها من البلدان أيضا عند اشتداد الحر، فلذا اكتفى الإمام عليه السلام بالغلبة التي هي قرينة واضحة مغنية عن ذكر الرطوبة.
والثاني: إن مراد الإمام عليه السلام هو المصافحة المقيدة برطوبة في يد أحدهما، إلا أن القيد مذكور في الأخبار الأخر، أو هو معلوم غير محتاج إلى ذكره، وعلى الجملة فلا يلزم ذكر المقيد عند القاء المطلق وذكره مطلقا ولا يستلزم ترك ذكره الاغراء بالجهل كما أنه لا بأس بذكر المطلق بلا قيد مع إرادة المقيد اعتمادا على كون القيد معلوما.
ألا ترى أن المولى إذا طلب من عبده الماء وأمره باتيانه بلا تقييد بكونه باردا مع كون الهواء حارا جدا فإن العبد يعلم بمقتضى الحال أن المولى لم يطلب ولم يرد منه إلا الماء البارد أو المثلج، وإن كان أمره مطلقا، فإنه قد اعتمد على علم العبد بذلك ولم ير حاجة إلى ذكره.
وهنا وجه ثالث في الجواب عن المناقشة المذكورة، ودفعها عن الرواية، إلا أنه على ذلك لا دلالة لها على النجاسة، وهو أن يقال: إنه ليس ظاهر الأمر - الذي هو الوجوب - مرادا هنا بل المراد منه الاستحباب لكن هذا الاحتمال خلاف الظاهر، والظاهر حملها على أحد الاحتمالين الأولين.
بقي الكلام هنا في قوله عليه السلام: ولا يتوضأ. فنقول: المراد منه إن مصافحة المجوسي مع الرطوبة في اليد وإن كانت موجبة لتنجس يد المسلم الذي صافحه إلا أنها لا توجب الحدث كي يحتاج في رفعه إلى الوضوء.
وربما يشعر هذا أو يظهر منه إن المؤمنين وأصحاب الأئمة عليهم السلام