للمؤمنين كيفما كان وفى أي شرط من الشرائط وحال من الحالات، ولا يشمل العناوين المتعددة والحيثيات المتكثرة فإذا قيل: لحم الغنم حلال. فهل ترى من نفسك أن معناه هو حلية لحم الغنم مطلقا وإن كان مغصوبا أو مأخوذا بالسرقة وبغير رضا صاحبه؟ وكذا لو كان جلالا وغير مذكى؟ أو تقول إن معناه أن لحم الغنم في نفسه وفي حد ذاته مباح وهذا لا ينافي أن يكون حراما من الجهات الطارئة وبالعناوين العارضة.
ولهذا لا يرى العرف تعارضا أصلا بين قولنا لحم الغنم حلال، وبين قولنا اللحم المغصوب حرام، وليس إلا لعدم اطلاق للأول يشمل الحيثيات و التطورات الحادثة.
فطعام أهل الكتاب في إطار كونه طعاما لهم حل للمؤمنين وليس محرما من المحرمات، أو نجسا من النجاسات، نعم يمكن أن يحرم بالطوارئ والعوارض كما إذا لاقاه صاحبه مع الرطوبة وكما إذا لاقى هذا الطعام نجسا آخر معها.
هذا بالنسبة إلى حل طعام أهل الكتاب للمؤمنين المستفاد من قوله تعالى:
" وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم. " وأما بالنسبة إلى حل طعام المؤمنين لهم المستفاد من قوله تعالى " و طعامكم حل لهم " فلا اشكال فيه أصلا مضافا إلى أنه أيضا حيثي.
والحاصل: أنه ليس في هذه الآية أقل مرتبة من الدلالة على الطهارة فضلا عن ظهور أو صراحة فيها وإن أغمضنا النظر عن تفسير الطعام بالبر والحبوب، و قلنا بشموله لهما ولغيرهما مما يساغ ويؤكل، ولا مخالفة ولا تهافت بين هذه الآية والآية المبحوث عنها الدالة على النجاسة، وسيوافيك الكلام في هذا الموضوع عند الجواب عن استدلال القائلين بالطهارة إن شاء الله تعالى.
فالانصاف أن الآية الكريمة تدل على نجاسة الكفار مطلقا بلا أي نقص