فتواه، وهو ليس معذرا إلا مع كونه - كسائر الأمارات العقلائية - قليل الخطأ لدى العقلاء، والفرض أن كل مجتهد يحكم بخطأ أخيه، لا بتقصيره، ومعه كيف يمكن حجية الفتوى؟!
نعم، يمكن أن يقال: إن الأمر الثاني من الأمرين المتقدمين يدفع الاشكال، فإن عدم ردع هذا البناء الخارجي، دليل على رضا الشارع المقدس بالعمل على فتاوى الفقهاء مع الاختلاف المشهور.
لكن في صيرورة ذلك هو البناء العقلائي المعروف، والبناء على أمارية الفتوى كسائر الأمارات، إشكال.
إلا أن يقال: إن بناء المتشرعة على أخذ الفتوى طريقا إلى الواقع والعمل على طبق الأمارية، والسكوت عنه دليل على الارتضاء بذلك، وهو ملازم لجعل الأمارية لها، والمسألة تحتاج إلى مزيد تأمل.
ثم إنه بناء على أن المناط في رجوع الجاهل إلى العالم، هو إلغاء احتمال الخلاف والخطأ - بحيث يكون احتماله موهوما لا يعتني به العقلاء -، لا إشكال في أن هذا المناط موجود عندهم في تشخيصات أهل الخبرة وأصحاب الفنون، كان الأفضل موجودا أو لا، ولهذا يعملون على قوله مع عدم وجود الأفضل.
وهذا دليل قطعي على تحقق مناط العمل عندهم في قول الفاضل، وإلا فكيف يعقل العمل مع عدم المناط؟! فيكون المناط موجودا، كان الأفضل موجودا أو لا، اختلف رأيهما أو لا. فلو فرض تقديمهم قول الأفضل عند الاختلاف، فإنما هو من باب ترجيح إحدى الحجتين على الأخرى، لا من باب عدم الملاك في