يتضح الحال.
لا إشكال في أن رجوعه إليه، إنما هو لأجل طريقيته إلى الواقع وكشفه عنه، وأن منشأه إلغاء احتمال الخلاف، لأجل غلبة موافقة قوله للواقع، وندرة المخالفة، بحيث لا يعتني بها العقلاء، بل يكون نوع العقلاء في مقام العمل، غافلا عن احتمال المخالفة، فيعمل على طبقه، ويرى وصوله إليه بارتكازه، نعم لو تنبه يرى أنه ليس بعالم.
ولعل هذا هو المراد بالعلم العادي المتداول على ألسنتهم (1)، ولعل هذا الوجه هو المعول عليه في نوع سيرة العقلاء وبنائهم العملي، كالتعويل على أصالة الصحة، وخبر الثقة واليد، والبناء على الصحة في باب العيوب.
وأما احتمال كون بنائهم على ذلك لأجل مقدمات الانسداد، بأن يقال: يرى العقلاء احتياجهم في تشخيص أمر من الأمور، ولا يمكن لهم الاحتياط أو يعسر عليهم، ولا يجوز لهم الاهمال، لأجل احتياجهم إليه في العمل، وليس لهم طريق إلى الواقع، فيحكم عقلهم بالرجوع إلى الخبير، لأجل أقربية قوله إلى الواقع من غيره (2).
أو احتمال أن يكون منشأ ذلك، هو القوانين الموضوعة من زعماء القوم ورؤسائهم السياسيين أو الدينيين، لأجل تسهيل الأمر على الناس ورغد عيشهم.