روى سبط ابن الجوزي باسناده عن الاحنف بن قيس، قال: «دخلت على معاوية فقدم اليّ من الحلو والحامض ما كثر تعجبي منه، ثمّ قال: قدموا ذاك اللّون فقدموا لوناً ما أدري ما هو؟ فقلت: ما هذا؟ فقال: مصارين البط محشوة بالمخ، ودهن الفستق، قد ذرّ عليه السّكر، قال: فبكيت، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: للَّه در ابن أبي طالب لقد جاد من نفسه بما لم تسمع به أنت ولا غيرك، فقال: وكيف؟
قلت: دخلت عليه ليلة عند افطاره، فقال لي: قم فتعشّ مع الحسن والحسين، ثمّ قام إلى الصّلاة، فلما فرغ دعا بجراب مختوم بخاتمه فأخرج منه شعيراً مطحوناً، ثم ختمه، فقلت: يا أميرالمؤمنين، لم اعهدك بخيلًا، فكيف ختمت على هذا الشعير؟
فقال: لم اختمه بخلًا ولكن خفت أن يبّسه الحسن والحسين بسمن أو إهالة، فقلت:
أحرام هو؟ قال: لا ولكن على أئمّة الحق أن يتأسّوا بأضعف رعيّتهم حالًا في الأكل واللبّاس، ولا يتميّزون عليهم بشي ء لا يقدرون عليه ليراهم الفقير فيرضى عن اللَّه تعالى بما هو فيه ويراهم الغني فيزداد شكراً وتواضعاً» «1».
قال أبو جعفر الاسكافي: «وكان رضي اللَّه عنه إذا أتي بغلّة ماله من ينبع اشترى الزيت والعجوة واللحم فيتّخذ لنفسه ثريداً يأتدمه، ويطعم الناس اللحم، وذلك معروف منه ايّام كان بالكوفة» «2».