أبا محمّد تركت الطواف وذهبت مع فلان إلى حاجة؟ قال: فقال له الحسن: وكيف لا أذهب معه ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قال: من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجة وعمرة وان لم تقض له كتبت له عمرة فقد اكتسبت حجةً وعمرة ورجعت إلى طوافي» «1».
قال ابن الصباغ: «وحكى عنه أنه اغتسل وخرج من داره في بعض الأيام وعليه حلة فاخرة ووقرة طاهرة ومحاسن سافرة بنفحات طيبات عاطرة، ووجهه يشرق حسناً وشكله قد كمل صورةً ومعنىً والسعد يلوح على أعطافه ونضرة النعيم تعرف من أطرافه، وقد ركب بغلة فارهة غير عسوف وسار وقد اكتنفه من حاشيته صفوف، فعرض له في طريقه شخص من محاويج اليهود وعليه مسح من جلود وقد أنهكته العلة والذلة، وشمس الظهيرة قد شوت شواه وهو حامل جرة ماء على قفاه فاستوقف الحسن، فقال: يا ابن رسول اللَّه، سؤال، فقال له: ما هو؟
قال: جدك يقول: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، وأنت المؤمن وأنا الكافر، فما أرى الدنيا إلّاجنة لك تنعم فيها وأنت مؤمن وتستلذ بها وما أراها إلّاسجناً قد أهلكني حرّها وأجهدني فقرها، فلما سمع الحسن كلامه أشرق عليه نور التأييد واستخرج الجواب من خزانة علمه وأوضح لليهودي خطأ ظنه وخطل زعمه، وقال: يا شيخ لو نظرت إلى ما اعد اللَّه لي وللمؤمنين في دار الآخرة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لعلمت قبل انتقالي إليه في هذه الحالة في سجن، ولو نظرت إلى ما أعد اللَّه لك ولكل كافر في الدار الآخرة من سعير نار جهنم ونكال العذاب الأليم المقيم لرأيت قبل مصيرك إليه في جنة واسعة ونعمة