أبو جعفر المنصور «1»:
قال سليمان بن مهران الأعمش: «بينا أنا نائم في الليل إذ انتبهت بالجرس على بأبي فقلت: من هذا؟ قال: رسول أبي جعفر أمير المؤمنين وكان إذ ذاك خليفة، قال: فنهضت من نومي فزعاً مرعوباً فقلت للرسول: ما وراك هل علمت لم بعث إلي أمير المؤمنين في هذا الوقت؟ قال: لا أعلم، فقمت متفكراً لا أدري على ماذا أنزل الأمر، أفكر بيني وبين نفسي إلى ماذا أصير إليه وأقول لم بعث إلي في هذا الوقت وقد نامت العيون وغارت النجوم، ففكرت ساعة فقلت إنّما بعث اليّ في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه السّلام، فان أنا اخبرته فيه بالحق أمر بقتلي وصلبني فأيست واللَّه من نفسي وكتبت وصيتي والرسل يزعجوني ولبست كفني وتحنطت بحنوطي وودعت أهلي وصبيتي فنهضت إليه وما اعقل، فلما دخلت عليه سلّمت عليه سلام مخاف وجل، فأومأ إلي أن أجلس، فما جلست رعباً، فإذا عنده عمرو بن عبيد وزيره وكاتبه، فحمدت اللَّه عزّوجل إذ رأيت من رأيت عنده، فرجع إلي عقلي وذهني وأنا قائم فسلمت سلاماً ثانياً فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللَّه وبركاته ثم جلست، فعلم أني دهشت ورعبت منه فلم يقل لي شيئاً فكانت أول كلمة قالها أن قال لي يا سليمان، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين قال: يابن مهران أدن مني فدنوت منه فشم مني رائحة الحنوط فقال:
يا أعمش، واللَّه لتصدقني أمرك وإلا صلبتك حياً، فقلت: سلني يا أمير المؤمنين عن حاجتك وما بدا لك أصدقك ولا اكذبك، فواللَّه لئن كان الكذب ينجيني فان