والقيام بهذا المنصب الخطير، كي لا تكون الإمامة تشهياً من أهل الهوى وعبدة الجاه.
وخير ما يدلنا على شروط الإمام وخصائص الإمامة هو الحديث الوارد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه آلاف التحية والثناء، فقد روى الكليني باسناده، عن عبد العزيز بن مسلم، قال: «كنا مع الرضا بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة، وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي عليه السّلام فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسم عليه السّلام، ثم قال: يا عبد العزيز بن مسلم، جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، ان اللَّه عزّوجل لم يقبض نبيه حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شي ء.
بيّن فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملًا، فقال عزّوجل:«مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْ ءٍ» «١» وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً» «2». وأمر الإمامة من تمام الدين.
ولم يمض حتى بين لأمته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم علياً علماً وإماماً وما ترك لهم شيئاً تحتاج إليه الأمة الّا بيّنه، فمن زعم ان اللَّه عزّوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب اللَّه فهو كافر به.
هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم، إن الإمامة أجل قدراً، وأعظم شأناً، وأعلى مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماماً باختيارهم، إن الإمامة خصّ اللَّه