كانت إذا أرادت أمرا قصدت الأوكار فنفرت الطير فان تيامن مضت فيما تريد أو تشاءم رجعت وإلا أوقفوا الامر وليس الابتلاء بهذه العلة مقصورا تأسيسه في البدن إلا على سن توليد الدم وذلك فيما قبل الأربعين أما ظهوره في البدن فليس مقيدا بوقت فإذا ثبت قوله عليه الصلاة والسلام (ما من عبد يعمر في الاسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه ثلاثة أنواع من المرض الجنون والجذام والبرص) يعنى صرف عنه توليدها تأسيسا وإلا فقد تكون المدة تهيأت قبل الاجل المذكور فتظهر بعده فيندفع التناقض وليس قوله في الاسلام جريا على الغالب ولا من المعاني التعبدية كما فهمه بعضهم بل على صراحته ومعقول المعنى لان الأمراض المذكورة تكون غالبا من إدخال الطعام على الآخر قبل الهضم والتخم وتناول الخمر المحرق قبل الهضم والراحة وغير المسلمين شأنه كذلك فان الكل يشربون الخمر واليهود شأنهم ملازمة الاكل وعبادة الكل ضعيفة ولا يعترض بالترهب لندوره وأما المسلمون فملازمون الصلاة وهى أشرف أنواع الرياضة خصوصا في الليل لما فيها من التحليل من كل عضو وتحريك الحرارة لا بالعنف كالجري ولا بالهدوء كالخطوات ومن ثم أمر بها في قصة السائل عن وجع بطنه فقال له صل ركعتين ففعل فسكن وجعه ولان صومهم بالعدل المستلزم للصحة خصوصا مثل الخميس والاثنين لوقوعه متفرقا فيوجب النشاط والتحليل بلا إفراط. وهذا المرض يكثر بالبلاد الباردة إذا كانت كثيرة الوخم كالشام ويقل في الرطبة إلا إذا حبس عنها الصبا كمصر ويندر وقوعه بالروم لغلبة البرد والرطوبة ولا يوجد في الحبشة والزنج لفرط الحر المحلل للاخلاط الكثيفة وأما الهند فلولا قلة تخليطهم في المأكل لكثر فيهم جدا، وينبغي لمن أحس بالطحال أن يبادر إلى علاجه وإلا وقع في الجذام لتوفر السوداء في الدم عند ضعف الطحال عن جذبها وكذا ضعف كل قوة مميزة (العلاج) تجب المبادرة إلى الفصد وإن لم يقم على كثرة الدم دليل لأنه هنا للرداءة في الكيف لا للكم فلقد بلونا علاج هذه العلة فلا نسطر فيها إلا ما جرب أو طابق القوانين وإن كان هذا شأننا في سائر هذا الكتاب لكن يكون في مفارق العروق الصغار وكلما قاربت المفاصل كان أولى ثم النظر في تلطيف الغذاء فيقتصر فيه على مرق الفراريج برقيق خبز السميد وما يليها من صغار الضأن والدهن والسكر والزبيب بالفستق واللبن الحليب خاصة ويستعمل ماء الشعير بالعناب والسكر أسبوعا ثم يتقايأ بمطبوخ الشبت والملح وحب البان والكزمازك ثلاثا، ثم يتحسى مرق الأفاعي ولحمها بحيث يمتلئ ويطيش وإن كانت من التي تسلخ جلودها كل سنة كانت غاية ثم يسقى في ربع الأسبوع طبيخ الأفتيمون ويحرر التشخيص فان قامت أدلة الدم حينئذ فصد الودجين عن تثبت فان الفصد من هنا خطر يفضى إلى عدم البرء إن لم يكن هناك دم يجب خروجه وقد يقتل إذا صادف هيجان المرة ثم إن كانت العلة غير مستحكمة سقى هذه الشربة أول الأسبوع الثالث وأعطاه بغدها ماء الجبن بمثقالين من لوغاذيا تمام الأسبوع ثم أعاد الشربة أول الرابع فإنه يبرأ مجرب نحو مائة مرة وهى لنا. وصنعتها: لؤلؤ سقمونيا من كل درهم لا زورد إهليلج أسود من كل نصف مثقال وإلا أعطى ماء الجبن بسفوف السوداء يوما وهذا المطبوخ يوما. وصنعته: زبيب رطل إهليلج أسود ورق خناء من كل عشرة دراهم نانخواه خمسة حلتيت نصف درهم تطبخ بثلاثة أرطال ماء حتى يبقى السدس يصفى ويشرب بخمسة عشر درهما عسلا تمام الأسبوع ثم يفصد الأخدعين بالشروط المذكورة ويراح ثلاثا ثم الباسليق إن احتملت القوة وإلا سقى مطبوخ الأفتيمون أياما ثم يفصد الصافن على الشرط ويسقى الشربة المذكورة عند رجوع القوة مرتين في الأسبوع الخامس
(٧٧)