أو عمت فجذام ومن ثم؟؟ القدماء السرطان العام وحال رقتها قد تخص ظاهره فيكون من ذلك القوابي ومن ثم قيل إنها مقدمة الجذام أو باطنه فيكون قروح القصبة وكل في موضعه (والجذام) عبارة عن فساد أعضاء الغذاء فلا تحيل غذاء إلى سوى السوداء ولو مرق الفراريج والعنب ومن ثم لم يبرأ بعد استحكامه لافتقاره إلى كثرة الأدوية وعجز الطبيعة عنها ويكون عن أصالة السوداء وهو أسهل علاجا خصوصا في المبادى وعن استحالة الصفراء إليها وهو أشد خطرا ونكاية، ومن أسبابه فساد الهواء بنحو الجيف والقتلى والعفونات وقرب المجذومين وقد تكون مادته جبلية كمن يجامع في الحيض فتمازج النطفة بقايا ما في الرحم فيتخلق فاسدا كذا قرروه وفيه نظر لفساد النطفة بكل حريف ودهن كما هو مشاهد ويمكن عدم القياس بكون الدم طبيعيا في الأصل فينعقد على فساد فيه خصوصا على القول بأن المغتذى به زمن الحمل دم الحيض وأنه إذا اتفق أن تحيض الحوامل كان لكثرة الدم أو ضعف الجنين (ومن أسبابه الجبلية) الجماع بعد أكل ما حرف وملح كالخردل والثوم والكوامخ والقديد كما يحصل ارتخاء العصب ووهن الأعضاء وعسر الحركة ومعالجة الهرم لمن صادف انعقاده من نطفة تكونت من مفرط الرطوبة مع البرد كلبن وبطيخ وقرع (وعلاماته) بريق بياض العين محمرا وهى أول ما يبدو حتى قيل إنها تتقدمه بنحو سبع سنين واستدارتها وكمودة اللون واحمرار البدن والبول ثم اسودادهما ثم العرق الكثير الملون ثم نتنه ثم تغير الصوت بالخشونة فالبحوحة فنتن النفس فتقلص الانف واستدارة الوجه فتدرن البدن فتقيحه إن كان الجذام مقرحا واعوجاج الأطراف ثم سقوطها وقد آن استحكامه واليأس من برئه أما سقوط الشعر فيكون منه وفيه لا أنه علامة لزومية ويكون النبض في مباديه سريعا متواترا صلبا وقد يكون بطيئا إذا كانت السوداء أصلية ثم إذا توسط المرض تواتر سريعا ثم يكون نمليا ثم يلتوى ويتشنج وأما الغنة والسدد وغلظ الشفة فقد تبتدئ معه وقد تحدث آخرا فلا تعتمد دليلا وحدها بل العمدة فيها تفرق الاتصال وفحش تغير الهيئة والشكل، وبالجملة فالعلة خطرة وإلا لم تورث ويسرى خبثها في النطف ولم تعد وقد ثبت إعداؤها في الخبر الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام (فر من المجذوم فرارك من الأسد) حذف أداة التشبية مبالغة في الحث على الفعل وقال (كلم المجذوم وبينك وبينه قدر رمح أو رمحين) أمر باتساع الفضاء ليتمزق النفس في الهواء فلا تصل سورته إلى الشخص وقال (لا تديموا النظر إلى المجذوم) يريد أن النظر للطف تأديته الأشياء إلى الحس المشترك فتحكم العاقلة نقشه فيسرى إلى الأرواح ثم الدم وكثيرا ما شهدنا من نظر إلى الأرمد فرمد وهذه منه عليه الصلاة والسلام إرشاد إلى المصالح وهو أعلم بعاقبة كل أمر من الحكماء وغيرهم فكيف إذا أقر ما قالوه فان قيل قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام أدخل يد مجذوم معه في القصعة وقال كل بسم الله وأنه قال (لا عدوى ولا طيرة) وقال في قصة الإبل (فمن أعدى الأول) وهذا يناقض ما مر قلنا على تقدير تساوى الطرق صحة وحسنا وغيرهما لا تناقض، على أن الأول أصح طرقا فان لنا أن نقول يحمل الامر والنهى على جواز كل وأن الاجتناب مجاراة لطباع العرب بل البشر خصوصا ضعاف اليقين، وأما الاكل معه فمبنى على حسن التوكل والثقة بالله عز وجل وأنه لا فاعل غيره بدليل قوله بسم الله وقال بعضهم إنه فعل ذلك بالوجهة الملكية وأمره بالفرار بالوجهة البشرية من ثبوت الوجهتين له فيتجه الحمل ومن أن اتصافه بها لا يكون وقت الاكل ونحوه وقال ابن الصلاح أمره بالفرار مرشد به إلى أن المرض سبب يخلق الله عنده مرض العدوي وقوله لا عدوى يعنى بالذات والطبع نفيا لما تعتقد الجاهلية من أن المرض يعدى بطبعه والطيرة كخيرة التشاؤم وهما مصدران مسموعان لا ثالث لهما والأصل أن العرب
(٧٦)