هي مقدماته وقد مضت في الاحكام وأدلة طبيعية وتجريبية بها يحصل للطبيب العلم بما يقع في البدن من الأمراض والصحة في الأزمنة الثلاثة وتسمى مقدمة المعرفة والعلامات وهى مواد هذا الفن و؟؟ ومن معرفة أدوار فلكية وإنذارات طبيعية وهى صورته التي تذكر الآن وعليها يطلق البحران، وينقسم في الحقيقة إلى جيد وهو المنذر بالصحة وردئ عكسه وكل إما تام إن بلغ البدن الغاية كتمام الحياة والصحة أو الموت أو ناقص وهو الناقل من حالة إلى أخرى إما أحسن منها في الصحة كالانتقال من انحلال الحمى إلى صحة الشاهية أو مساوية كالانتقال من سوء الهضم الثالث مثلا إلى فساد المغيرة أو إلى دونهما كالصيرورة من شهوة الطعام إلى زلق المعى المجرد فإنه صحة في العاقبة أو إلى أردأ في المرض كالانتقال من الغب الخالص إلى شطره أو إلى المساوى كمن فالج إلى رعشة أو إلى دونه كمن طبلى إلى زقى وكل إما حار أو بارد فهذه أقسامه على الحقيقة، والحاجة الداعية إليه هي ما في العلامات من الوثوق بقول المخبر لما سيكون فيركن إليه ويتلقى أوامره بالقبول ولم يخالف ولم يخلط معه غيره وذلك موجب للبرء وليكن على تأهب لما سيأتي ويرتب الأغذية الكثيرة في الأول لان القوة متناقصة على التدريج كذلك ولم يعط يوم نوبه شيئا إلا في صور تأتى لئلا يضمن من يموت إذا ثبتت معرفته وقد ضرب الأستاذ أبقراط للبحران مثلا فجعل البدن كمدينة والصحة كالسلطان وأنواع القوى كالجنود والمرض كالعدو ويوم البحران كيوم القتال وكما أن الغلبة قد تكون تامة بحيث تستأصل شأفة المغلوب وقد تكون بحيث يطرد عن بعض المواضع كذلك يكون تام البحران وناقصه، فعلم من هذا أن بعض البحرانات قد يحتاج إلى بحران آخر يحيل المرض المنتقل عن العضو الذي انتقل إليه كما يحتاج من طرد إلى أطراف بلد أن يزال عنها لكن لا يكلفه تماثل الأولى وإن كانت قد تكون عامة كما في الممثل به خلافا لمن أنكر ذلك، ثم لا خلاف في تسمية ذلك القاصر عن الغايتين ناقصا وقد صرح بعضهم بأن ناقص الصحة يسمى كاملا وبحران انتقال وتامها تاما وهو اصطلاح مجرد ثم المرض إن وقع بغتة فقد علم بحرانه وإن تقدم موجب كامتلاء لتعفين وهما لحمي، فقد اختلف الأطباء في مبدإز من البحران فذهب بعض إلى أن أول البحران من حين الاحساس بالمرض وآخرون إلا أنه من حين وقوع المريض، والحق أن أول البحران من حين الخروج عن المجرى الطبيعي لأنه لا يكون بدون مرض، ثم العلم به تارة يحصل مطلقا وتارة من وجه وحصوله مطلقا لا يتأتى إلا لمن مهر في علم النجامة فإنه إذا عرف طالع المريض فلا كلفة عليه في تحصيل ما يقع أصلا فانا إذا حققنا مولودا طالعه القمر مثلا ثم ضعف وهو بالجدي تحت الشعاع فلا نزاع في الحكم بعسر المرض إلا أنه لا موت فيه لوقوعه في بيت الفراش والتزويج فلو كان في الدالي قطعنا بالموت كما نقطع به إذا خسف فيما يلي الأوتاد وهكذا وإن لم يعلم الطالع عمل بطالع المرض والانتقال وقرر البحران عليها فلو ابتدأ مرض على ما اخترناه أو سقط الفراش على الرأي الآخر والطالع المريخ فبالدم وينتهى إلى اليبس ويكون المرض بالدماغ إن كان في الحمل وإلا البطن ويكون البحران رعافا في الأول ونزفا في الثاني فان خلا من السعود قضينا بالعدم وهكذا وعليك في هذا بمراجعة ما مر في الاحكام. وأما حصوله من وجه فللطبيب وله حينئذ نظر أن الأول متى يكون البحران وإنذاراته ليتأهب لوقوعه ويعرف هذا من الأمراض فإن كان حادا فقصير لا يعدو الدور القمري وبحارينه على ما ستراه آخر هذه الحصة وإلا فإن كان باردا تعدى الحكم وضوعفت النسب فإنه خبير بأن سير القمر بنسبة ما فوقه إلى النير الأعظم فتجعل النسب بحكمها وكذا في الثلاثة الأخر أما الحكيم الجامع فلا مرية في معرفته البحران بكل ما ذكر وأما معرفته بما يكون البحران فتارة يحصل بالعلامات المشخصة للمرض
(٤٨)