أن لكل نوع منها سببا يخصه، فلنأخذ في تفصيل ذلك فنقول: سبب البثور الصغار قلة ما يندفع من المادة إلى الجلد وقصور الحرارة عن تحليل وتحديد رؤوسها دليل على رقة المادة وبالعكس وهذا شأن غالب أنواع هذا الجنس، وسبب بنات الليل غلظ المادة وكثافة المسام ومن ثم تكثر في الليل وما يضاهيه في برد الهواء من طرفي النهار للتكثف حينئذ به وبقلة الحركة وغور الحرارة وهذه علاماتها وكلا النوعين عام وفى شرح الأسباب أن بنات الليل تطلق على الشرى وهو غريب (وأما اللبنية) فتخص الوجه وقيل الانف (وسببها) مادة غليظة بلغمية في الأغلب ومن ثم قيل إنما سميت لبنية لشبه ما يخرج منها باللبن (وعلاماتها) مع ما ذكر لطف مسها واستدارتها (وأما البلخية) وهى بثور وجدت أولا ببلخ ثم تنقلت كالحب الذي وجد بأفرنجة فسمى بها فسببها حرارة غريبة دفعتها الغريزية عن القلب فقرحت ما حولها من غشاء الأضلاع والصدر ومن ثم يصحبها غشى وخفقان وقد يتأكل منها حجاب الصدر فتقتل فمتى اسود الخارج أو احمر فلا علاج، وأما البطمية وهى الشبيهة بالبطم في اللون والاستدارة فسببها فساد الباردين معا مع غلبة السوداء وتختص بالساقين وخروجها في حمى الدق موت في الرابع وذو المادة السائلة منها مأيوس من برئه قالوا لكثرة انصباب المادة بالحركة إليها ومقتضى التعليل برؤها مع ترك المشي وظاهر كلامهم خلافه (وأما الغريبة) أعنى القليلة الوجود وتعرف بذات الأصل فسببها فساد السوداء إن كانت إلى البياض والدم إن كانت إلى الحمرة وكلا النوعين صلب محدود الرأس غير أن الأحمر يخفى تارة ويظهر أخرى وينتقل وحكمه حكم الشرى (وأما الأبيض) فقد يترشح مع صلابة أصله وهو شر الأنواع وقد يعسر نضجه للاحتراق وربما فصد بعضهم فيه لرداءة الكيفية وفيه نظر يرجع فيه الانضاج إلى الطبيب الحاضر (وأما بثور الشيلم) فصغار مستطيلة سود على صورة الشيلم تخص الوجنة أولا، فان تركت استوعبت الوجه ودخلت في الأعماق ومن ثم أوجبوا في علاجها أن تشق ويستخرج منها دم عقد خبيث الرائحة خصوصا إن احمر ما حولها واستدارت كالدرهم ورأيت منها نوعا في الشفة يشققها فتنضح دما عبيطا أسود فشققناه فرأينا في أصله كحب الخشخاش فحين رفع التحمت (وسببها) دم سوداوي عقدته حرارة غريبة وعلاماتها ما ذكر (وأما بثور الصدغ) فمخصوصة به وهى في صورة الدماميل لكن إذا شرطت لم يخرج منها إلا دم خالص وربما استرخت وذهبت والمقرح منها مأيوس من برئه وخروجه في الدق موت في الثالث وللنفساء في السابع إن تصرف في بحران ومتى برز في الافراد والأمراض الحادة دل على السلامة وربما ارتفع عن الصدغ ونضح من أعماق والتحق بالناسور والغرب فلم يبرأ وكلما شد أحدث الصداع وغشى البصر، والقانون في علاجه إزالة الشعر كلما طال وتعميقه بالشق وحشى السكر ثم القواطع وقد تكون في القفا وهى حينئذ أشد شرا وأعظم خطرا ومنهم من جعل بثور القفا نوعا مستقلا والصحيح الأول وإنما عظمت بقرب النخاع (العلاج) يبدأ بالفصد عند ظهور علامة الدم ثم الأدوية المسهلة ثم الروادع المنضجة من الوضعيات ثم المحلل فإذا انفجرت عولجت بعلاج الجروح هذا كله مع تلطيف الغذاء واللبس فيجعل مناسبا ويقتفى في الفصد ما سيذكر من قوانينه ويستعمل في البثور السوداوية هذا المنضج. وصنعته: زبيب جزء عناب سبستان بسفايج من كل نصف بنفسج بزر هندبا بزر شاهترج من كل ربع ترض وتطبخ بعشرة أمثالها ماء حتى يبقى الربع فيصفى ويستعمل بالسكر فاترا أسبوعا ثم يستعمل أسود سليما إلى مثقالين ثم ينقع ليلا ونهارا بالزبد وشحم الدجاج فإذا لانت فجرت بالحلبة ودقيق الفول والأشق وصفار
(٤٤)