تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٢ - الصفحة ٤٩
فان النبض الموجى يدل على العرق وكذا العظم والشاخص على الرعاف وبيان القارورة يدل على البحران بالادرار وناريتها على القئ إلى غير ذلك وتارة بما يقول المريض ويحس ويظهر من هيئات أعضائه وسحنته. فالمغص والثقل والقواقر تدل على بحران بالاسهال ووجع المثانة ونتوء السرة وانتفاخ القضيب على البول وشدة الحمرة وحكة الانف وانتفاخ العروق على الرعاف وهكذا كل محل أحس باندفاع المادة إليه، واختلاج الشفة دليل القئ، والكرب والغثيان دليل زيادة الخلط الصفراوي في المعدة وغالبا يكون البحران في الحار من الأعلى بالقئ في الصفراء والرعاف في الدم كل ذلك مصحوبا باختلاط الذهن والكرب والسدر والظلمة لارتفاع الأبخرة بالعكس في البارد والادرار في البلغم واشتداد العوارض قبل ليلته ثم يخف تدريجا وكثيرا ما تكون في الليل أشد لخلو الطبيعة والقوى وأما الصحو من المغمرات في النوبة فواضح في الجيد لانحلال ما يضاد الطبيعة وإنما يشكل في الردئ حتى قد يصح بعضهم عند الموت وهذا كله لاعراض الطبيعة عن التدبير والتصرف البدنيين ويدل على ذلك سقوط النبض واختلال وزن العين ووجود الحمى، ثم اعلم أنهم قد صرحوا بوجود بحرانين في مرض من غير تعليل وهذا كله تقرير للواقع من غير بيان علة، وإيضاحه أن القئ في الأصل للمرض الصفراوي إن اشتد تعلقه بالمعدة ولو بالانتقال والرعاف للدم والرأس فيه كهى والاسهال للسوداء والطحال فيها كما مر والادرار للبلغم والكبد والكلى له كتلك لما ذكر فإذا تركبت هذه البسائط ثم المرض ببحرانين متقاربين إن استوى أصلاهما وإلا سبق الأغلب وأحمده ما وقع بعد النضج في يوم محمود باحورى أو بحرانه معروف بالجودة كالسابع وقد أنذر له من الأيام ما هو مخصوص بانذاره كالرابع في مثالنا واشتدت فيه مع النضج الأمور والمهولة بشرط انتباه القوة ووقوعه بالاستفراغ دون غيره وكون الخارج الخلط الممرض ثم الذي يليه من جهة المناسبة كما ذكرنا وأن يحتمله المريض بحيث تحصل الخفة بعده ولم تسقط القوى ولا الشهوة رأسا ولم يتقدم أيامه والذهن والقوى باقية على الصحة فان ذلك كله من دلائل الصحة وكذا الانتفاع بالتداوي الواقع على وجه الصحة والمناسبة بعد تشخيص صحيح إذ لا اعتداد بغير هذا والمخالف لما ذكر ردئ وكل من القسمين إن تمحض دل على بلوغ الغاية وإلا بأن ضعف في نوعه دل على البطء أو تركب من النوعين فالحكم للغالب. إذا تقرر هذا فاعلم أن ظهور هذه العلامات وبيان هذه الانتقالات وما يلزمها من تغير الأبدان في كل مرض ليس مطلقا ولا معدوم النسب بل لأيامه الأصلية والفرعية الانذارية نسب وضوابط حررتها عامة أهل هذه الصناعة بالتجربة والاستقراء وكثرة ممارسة الأمراض، وأما الحكماء فلما علموا أنه ليس في السفليات شئ إلا وله ارتباط بالعلويات كما علمت في القواعد وأحكموا نسب السيارة نظروا في عوارض الأبدان فوزنوها بها وقد علمت في الاحكام وجه مطابقة العالم الأكبر للأصغر وأن الأدنى إلينا القمر وأنه أسرع الكواكب دورة وأخفها شكلا و؟؟ كالوزير المتصرف عن السلطان ونظروا إلى تأثيره في الجزر والمد والحبوب والثمار والابدان ورطوباتها الثمانية فجعلوا أيامه أول البحارين وآخرها آخرها إنذارا وبحرانا تدريجا إلى أن يرتقى الحال إلى غير ذلك من مراتب الدور وإيضاحه أن تأثير القمر في العالم بإذن المبدع تعالى واضح بحكمة اختيارية نسبة السلب والايجاب إليها سيان في ذلك كله وإنما ذلك رفق بنا من الحكيم لنقدر على ضبط الأشياء الضرورية وذلك أنا نشاهد الآبار والبحار والثمار والابدان تزيد بزيادة نوره حتى إذا أخذ في النقص نقصت تدريجا معه فعلى المذهبين في ابتداء المرض يكون التغير الواقع فيه تبعا لاجزاء أيام الدورة المذكورة بقدر منطلقاتها فان صادف المرض والقمر في درجة
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الخ 2
2 حرف الألف 8
3 فصل في حال الدليل 24
4 فصل في أحكام القرآن 31
5 فصل في ذكر ما يومى اليه الكسوف والخسوف من الدلالة الخ 32
6 فصل في تقرير المبادي ووجه التعلق باستخراج الضمائر وارتباط العوالم الخ 33
7 فصل في خصوصيات الأدلة باعتبار الكواكب 35
8 فصل في أحوال الضمير والخلاف فيه 35
9 حرف الباء 38
10 الفصل الأول في صفة البيطار 51
11 الفصل الثاني في آلاته 51
12 الفصل الثالث في موضوع هذه الصناعة ومباديها وما يجب أن يعرفه الخ 52
13 الفصل الرابع فيما يختار منها وذكر عمرها وما يستدل به على سنها وغير ذلك 52
14 فصل ولما كان التشريح من أهم ما يجب أن يعرفه الطبيب قبل طب الإنسان الخ 3 5 فصل في الأخلاق السيئة في الحيوان الخ 54
15 فصل في ذكر أشياء تجري مجرى الفراسة من الإنسان الخ 55
16 فصل وإذ قد فرقنا من جزء العلم في هذه الصناعة فلنقل في عملها ما فيه كفاية الخ 56
17 فصل في علاج سمومها وذكر ما زاد على الإنسان 60
18 فصل في المختار من أدوية العين الخ 60
19 خاتمة تشتمل على ذكر ما يجري هنا مجرى الجزئيات من طب الإنسان 60
20 حرف الجيم 70
21 فصل ينبغي لمن أراد التلذذ به الميل بأغذيته إلى الحار الرطب الخ 72
22 (جغرافيا) 87
23 حرف الدال 91
24 حرف الهاء 101
25 هندسة 104
26 فصل في السطوح 106
27 فصل في الأشكال 106
28 فصل قد تقرر في قاطيغوريا أن السطح الخ 106
29 حرف الواو 110
30 حرف الزاي 114
31 حرف الحاء 121
32 فصل في ذكر الأدوية الموجبة للحبل 145
33 حرف الطاء 150
34 (طلسمات) 154
35 فصل في تشعبات أهل هذه الصناعة 156
36 فصل في الشروط الخاصة ملتقطة من كلام الرازي 157
37 فصل فيما يخص كل كوكب وبرج الخ 157
38 فصل في الأعمال وتدريجها إلى الكمال 160