غير مرئى في الخارج وإنما يحكم العقل بوجوده وهو كالهيولي للحسية لأنها عبارة عن إخراجه من الوهم إلى الحس ونسبته إلى الأولى نسبة أصل إلى فرع أو أنه مادة هيولانية لصورة نوعية وغايته مقصودة وقد أوردنا بحمد الله هنا ما إذا أمعن النظر فيه كان كافيا يتسلط به الذهن الثاقب على معضل الصناعة وعلى أن اللازم علينا هنا ما يحتاج إليه الفن خاصة وإنما غرضنا هنا استغناء الواقف على هذا الكتاب عما عداه إذا تأمله حق التأمل [هيئة] هي على الاطلاق كما قال الأسطر نوميا وخصت منه جمل بهذا الاسم فهو الآن علم على الاجرام وما يلزم قسميها من العوارض وحد بأنه علم بالاجرام العلوية والسفلية وما يلزمها من حركات وأبعاد وموضوعه تلك الاجرام كما وكيفا ووضعا قال العلامة وحركتها اللازمة وفيه نظر من كون الحركة مبحوثا عنها فيه ومن أنها من المسائل كما في المجسطي ويمكن الجواب بأن الحركة من حيث هي هي موضوع ومن حيث انقسامها إلى سريعة ونحوها مسائل ولعله إن شاء الله جيد ومباديه إما مقادير وقد سبقت في الهندسة أو مواد وهى الطبيعات أو اختلاف الأوضاع عن علل موجبة، وذلك في الفلسفة الأولى وسنبسط الفلسفة بنوعيها إن شاء الله تعالى ومسائله مقادير الابعاد والحركات وعلل الأوضاع وما يختلف بحسبها من البقاع، وهو من العلوم التي اشتدت حاجة الطب إليها بحيث إذا عرى عنها الطب كان إما تجربة أو جهلا وبيان ذلك أن علم الطب كما أسلفناه في صدر الكتاب باحث إما عن مطلق الحيوان أو الانسان وكل يختلف باختلاف أسبابه الضرورية المختلفة بحسب المساكن ارتفاعا وعرضا وقربا من مساقط أحد الكواكب خصوصا النير الأعظم وكثرة جبال وماء وضد ذلك والمتكفل بتفصيل ذلك علم الهيئة. وأما اختلاف علم العقاقير بحسب ما ذكر فبين بنفسه والمترتب على ذلك الاختلاف في التداوي أظهر منه كما سبق في القواعد ولان البحران مع جلالته وتوقف الخروج من عهدة الطب شرعا وعرفا عليه موقوف على هذا العلم كما مر تقريره ولان نقل المريض من موضع إلى آخر يستدعى سعادة الوقت وصلاحيته، لأمر يراد ومن بلد إلى آخر يستدعى معرفة ما يوازى ويسامت من الكواكب ويناسب من البقاع وتركيب المعاجين الكبار خصوصا السبعة المستعملة للصحة في أول السنة الشمسية تستلزم العلم بأحوال هذه الكواكب ولان الفصول فلكية كانت أو طبية ينقلب بعضها إلى بعض حتى قد تكون السنة فصلا واحدا أو اثنين ويستلزم ذلك كثرة العرض المناسب لما زاد كالوباء إذا طال الربيع إلى غير ذلك وكله غاية هذا العلم. وأما هو فالأظهر أنه غنى عن الطب، وما تمحله قوم من أن هذا العلم يستدعى وفور العقل وسلامة الحواس الموقوفين على صحة المزاج المتكفل بها علم الطب فأمر تشترك فيه سائر العلوم لا ترجيح لاحدها على الآخر إذ كل علم محتاج إلى العقل والحواس بل ربما صار المنطق والحساب أولى بذلك فعلى هذا يكون كما قررناه مستغنيا، ثم هو إما حكاية حال يؤخذ مسلما من صاحب المجسطي كأخذ الفقيه من الأصولي فرائض الوضوء مثلا وأنها أربعة أو ستة أو سبعة أو ثمانية على اختلاف المذاهب من غير التفات إلى دليل لعدم لزوم المذكورين من حيث هما كذلك أو مبرهن كما في المجسطي هنا، والأصولي في مثالنا وهو بالنسبة إلى ما فيه من الاصطلاحات قسمان: أحدهما هندسي وهو ما تتضمن حدود ماله وضع حسي كالنقطة وفروعها وقد مر في الهندسة، وثانيهما ما يتعلق بهذا العلم من الطبيعيات وهو البحث عن الجسم ولوازمه. وإذا تقرر هذا فنقول كل جسم إما أن يصدر عنه فعله على منهج واحد لعدم المعاوق أولا والأول البسيط وهو إما نوري كرى شفاف محدود متحرك
(١٠٧)