تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٢ - الصفحة ١٠٣
وكذا المرارة بالنسبة إلى الصفراء والكليتين إلى المائية وكل يستلزم السدد المانعة من نفوذ الغذاء أو نفسية وأعظمها الهم فالغم وسيأتى تعريفهما وحكم البدن معهما ثم الاهتمام بنحو السياسات الملكية والمناظرات العلمية وتحصيل نحو الأموال فان كلا من هذه صارف للقوى عن التصرف الطبيعي في الغذاء فقد قال أبقراط ليس للأعضاء المهمومة أو المهتمة من الغذاء إلا ثقلها به وقد منع شارب الدواء من النظر والفكر لذلك أو خارجة عن الثلاثة كالافراط في الرياضة وتعاطى نحو الحدادة من الصناعات المحللة ومن ذلك وجود الديدان فإنها من أسبابه لاكلها الغذاء وإزلاقه ثم الهزال إما طبيعي وعلامته القدرة على الجماع والنشاط وصحة الأعضاء وامتلاء العروق لاعراض الطبيعة عن توليد الدم غذاء أو مرضى وعلامته سقوط القوى والجفاف ورقة الشعر (العلاج) إزالة الاخلاط الممرورة والحريفة ثم إن كان الهزال طبيعيا فعلاجه كل ما يوجب السمن وسيأتى وإن كان غيره فعلاج الكائن عن ضعف عضو علاج ذلك العضو ورده إلى الصحة والكائن عن الهم ونحوه الحيلة في الراحة منه ولو بالتأسي والكائن عن الدود إسقاطه وهكذا باقي الأسباب ومما يوجب الهزال مطلقا الجوع وتناول الموالح والحوامض والجماع والحمام على الخواء خصوصا إذا اقتصر فيه على الهواء أو إطالة الجلوس ولبس الصوف والشعر والحركة العنيفة والتعب والجلوس أو النوم على نحو الرمل والرماد والبرد والرياضة على الجوع وإدامة أخذ المستفرغات من إسهال وتعريق، ومن المجربات في الهزال بسرعة أكل النعنع بالخل وأخذ اللك والسندروس والمرزنجوش وبزر الكرفس والتدليك بالخشن والدهن بالحار كالبابونج والنفط [هم] هو إشغال النفس بما ؟؟ من مكروه طبعا بنفسه أو بغايته والغم انقباضها بما مر كذلك وكأن الأول مأخوذ من الاهتمام وهو التهيؤ للشئ قبل وقوعه والثاني من التغطية والغمر اللذين وقعا على القلب وكل يجمع الغريزية إلى القلب فيغلى الدم بسبب ذلك ويتفرق عنه البخار المفسد للحواس لكن الغم أسهل بالاجماع وإن عظم لاحاطة النفس بغايته بخلاف الهم فان النفس تذهب في غايته كل مذهب وقد يجتمعان وقد يقالان بالتشكيك إذ ليس الهم بسبب غايته ذهاب النفس كهو بسبب قصاراه ذهاب بعض المال وأقل الناس هما وغما ذو الأمزجة الباردة سيما المرطوبين وأكثر الناس هما من غزر عقله وصح حدسه لتوفر نظره في العواقب، قال المعلم: الجاهل متوفر اللذة مقصور النظر على شهوات الجسم وأشقى الناس العقلاء، وقال أفلاطون: خطارة العقل قيد الحواس وسجن النفس، وقال أبقراط: الغفلة نعمة والسكر راحة والصحو سجن النفس والعاقل مأسور بين عقل عاقل وهوى قاتل وأقوالهم في ذلك كثيرة. إذا عرفت ذلك فاعلم أنه كما إذا وردت السموم على البدن عقب المفتحات قتلت بغتة كمن لدغته العقرب بعد أكل الكرفس كذلك إذا ورد الهم أيضا فإنه إذا نزل بغتة بذى همة ولم ينفتق له باب تدبير قتل لوقته وإلا تسلسل سببا وفعلا، وأقل ما يوجبه في البدن سرعة الشيب والهرم والهزال وسقوط الشهوتين والنسيان واختلال العقل ثم إن كان حين إتيانه قد صادف متناولا قد أخذ في الهضم الثالث وكان نحو اللبن أوجب مثل البرص والبهق الأبيض أو مثل الفواكه أوجب النفاطات أو العسل والتمر أخرج الصفراء المحترقة والجذام وأصعب مأكول يفسد به البدن إذا بغته الهم السمك والرمان واللبن والقلقاس فإنها ربما خرجت بصورتها كل ذلك لاحتباس الحرارة به في الأعماق فتدفع ما تصادفه قبل وجوب دفعه فيتفرق غير طبيعي وأكثر ما يكون ذلك في البلاد المرطوبة وأما على الدواء فضار مطلقا وربما أقعد وأزمن وأول عضو يفسده الهم القلب ثم الدماغ ثم المعدة ثم القوى الخامة فلا تتصرف في الغذاء تصرفها الأصلي
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الخ 2
2 حرف الألف 8
3 فصل في حال الدليل 24
4 فصل في أحكام القرآن 31
5 فصل في ذكر ما يومى اليه الكسوف والخسوف من الدلالة الخ 32
6 فصل في تقرير المبادي ووجه التعلق باستخراج الضمائر وارتباط العوالم الخ 33
7 فصل في خصوصيات الأدلة باعتبار الكواكب 35
8 فصل في أحوال الضمير والخلاف فيه 35
9 حرف الباء 38
10 الفصل الأول في صفة البيطار 51
11 الفصل الثاني في آلاته 51
12 الفصل الثالث في موضوع هذه الصناعة ومباديها وما يجب أن يعرفه الخ 52
13 الفصل الرابع فيما يختار منها وذكر عمرها وما يستدل به على سنها وغير ذلك 52
14 فصل ولما كان التشريح من أهم ما يجب أن يعرفه الطبيب قبل طب الإنسان الخ 3 5 فصل في الأخلاق السيئة في الحيوان الخ 54
15 فصل في ذكر أشياء تجري مجرى الفراسة من الإنسان الخ 55
16 فصل وإذ قد فرقنا من جزء العلم في هذه الصناعة فلنقل في عملها ما فيه كفاية الخ 56
17 فصل في علاج سمومها وذكر ما زاد على الإنسان 60
18 فصل في المختار من أدوية العين الخ 60
19 خاتمة تشتمل على ذكر ما يجري هنا مجرى الجزئيات من طب الإنسان 60
20 حرف الجيم 70
21 فصل ينبغي لمن أراد التلذذ به الميل بأغذيته إلى الحار الرطب الخ 72
22 (جغرافيا) 87
23 حرف الدال 91
24 حرف الهاء 101
25 هندسة 104
26 فصل في السطوح 106
27 فصل في الأشكال 106
28 فصل قد تقرر في قاطيغوريا أن السطح الخ 106
29 حرف الواو 110
30 حرف الزاي 114
31 حرف الحاء 121
32 فصل في ذكر الأدوية الموجبة للحبل 145
33 حرف الطاء 150
34 (طلسمات) 154
35 فصل في تشعبات أهل هذه الصناعة 156
36 فصل في الشروط الخاصة ملتقطة من كلام الرازي 157
37 فصل فيما يخص كل كوكب وبرج الخ 157
38 فصل في الأعمال وتدريجها إلى الكمال 160