الشمالي مثلا لمن يقرب إليه وانحطاط الآخر وتركب ما بينهما يوجب الاستدارة والتفاوت في طباع السكان ولا يمنع الكرية نحو الجبال من التضاريس فقد قيل إن ارتفاع كل نصف فرسخ من الأرض يعدل خمس سبع عرض شعيرة في كرة قطرها ذراع فهذا لا يحس في الكرة وكالأرض الماء في الاستدارة لستره أسافل الجبال وظهورها بحسب القرب ورؤية ما في أعلاها من نحو نار من البعد قبل ما تحته تدريجا وإنما احتيج إليه هنا دون باقي الكرات لنصب المقاييس في علم الحيل وسوقه في المساحة وحكم مجاوريه في الطب وتغير الأهوية بحسبه واختلاف الحوادث في الطبيعيات وأما كونها في الوسط فلاتفاق زمن الطلوع والغروب وظهور نصف الفلك أبدا وتطابق الظلال في الطلوع والغروب لكوكب تساوى مداره ظهورا وخفاء على خظ مستقيم أو في جزء دائرة قطعها بسيره الخاص ووقوع الخسوف عند تحقق المقابلة وتخصيص العلامة بالشمس مثال وعليه يتفرع هنا اختلاف البقاع في تأثير الدواء وخفة المرض وسهولة البرء إلى غير ذلك فان من سامتتهم الشمس لا يحتاجون في الاسهال مثلا إلى مزيد عناء ومتى وقع بهم نحو الفالج يعسر كعسره في مسامتي القمر مثلا ويختلف التقابل والتسامت في كونه على حادة مثلا كما مر في الهندسة وكذا بحسب القرب والبعد إذ بواسطتهما صار للأرض قدر محسوس عند القمر فما فوقه إلى الوسط الأعظم ومن ثم تأثير الثلاثة السفلية فيها أتم لأن الظاهر من أفلاكها أقل من النصف منها لا سيما القمر وأما العلويات فلا قدر للأرض عندها لعدم وجدان فرق بين السطح الفاصل بين الظاهر والخفى إذا مر بوجه الأرض والسطح المار بمركز الكل وعليه يتفرع اختلاف توليد المعادن والنبات ومناسبة بعضها لبعض الأمزجة واحتياجنا إلى التركيب المناسب، وما قيل من استحالة حركة الكواكب لعدم جواز حركتين مختلفتين في زمن واحد، وإنما الأرض هي المتحركة إلى المشرق ممنوع لوقوع السهم موضعه على استقامة ولو صح ما قالوه لوقع في غربي مسقطه ولان صدور الحركتين لا يستحيل إلا إذا اتحدتا سببا وهنا ليس كذلك لقسر إحداهما.
* (البحث الثالث: في تعداد الأفلاك وجمل حركاتها) * دلت الأرصاد على أن الأفلاك بأسرها تسعة أقصاها المحيط الأطلس وله الحركة اليومية الشرقية القاسرة لما ليس من شأنه ذلك ودونه الثامن ويسمى فلك البروج والثوابت لمامر وفيه ما عدا السبعة من الكواكب المعدودة وغيرها ودونه السبعة الكانسة للآفاق المختلفة سرعة وبطأ وحكما كما سيأتي، وأقصاها زحل فالمشترى فالمريخ وتسمى هذه العلوية ودونها الشمس وهى الكوكب الأعظم الحافظ للنظام في الوسط، ودونه الزهرة فعطارد فالقمر وأخذ الترتيب من الكسف ولا قطع بالحصر لجواز الكثرة واختلاف المناطق كما هو الاظهر وإن قيل بغيره وأما الجزئيات فستبين وقد رصدت هذه بدخول بعضها في جوف بعض بحيث جعل كل سافل مماسا محدبة مقعر العالي لبطلان الخلاء، وقد رسموا من فرض هذه الحركات على سطح الأرض عند مرورها دوائر أعظمها دائرة المحيط وقد قسموها ثلثمائة وستين جزءا لصحة السكسور المنطقة فيه وغير السبع والتسع في قطره والجزء ما قطعته الشمس في دورة واحدة يومية وجملة الدوائر سنة حقيقية والقمر شهر كما سنبين وعن هذه تكون القسي والسهام فكل قوس نقص عن ربعها فذلك النقص تمامه ثم جزئ الجزء ستين لبناء أكثر الصناعة عليه فهو دقائق في الجزء الأصلي ثوان في الدقيقة ثوالث في الثانية وعليه تتفرع مقادير الأمزجة وإعمال الدواء في حار وهضم الغذاء وحلول الشرب وإدخال الطعام