وجود زيد محرزا بالوجدان، وعمرو محرزا بالأصل، فإنه يجب الاكرام، وأما لو كان معنى المقارنة دخيلا في الحكم، فهو أيضا حاصل، لعدم وجود لها منحازة إلا بهما، وهكذا في مسألة السبق واللحوق، فتلك العناوين لو كانت دخيلة، فهي تحصل بالاستصحاب الجاري في الموضوعين، سواء كانا وجوديين، أو عدميين، أو وجوديا وعدميا، وعلى جميع التقادير سواء كان مفاد الناقصة أو التامة، كان كانت أوليس، فإنه - في جميع الصور - إن دل الدليل على اعتبار المقارنة أو السبق واللحوق، فلا يكون الأصل مثبتا، وإن لم يدل دليل عليه بدال مخصوص، فالواقع لا يخرج عن أن يكون تلك العناوين دخيلة لامتناع الانفكاك، كما لا يخفى.
فما أفاده المشهور من جريان الأصول في محله، إلا أن القوم ذهبوا إلى عدم الدخالة، فلا يكون الأصل مثبتا.
وما هو التحقيق: هي الدخالة وعدم لزوم الأصل المثبت، لأن مع فرض الوجودين لا بد من إحراز المنشأ للانتزاع. وهذا هو مفاد ما حققه شيخنا الأستاذ في مباحث اللباس المشكوك.
والذي يظهر لي: هو أن الخلط بين التكوين وبين كيفية جعل الشئ موضوعا للحكم، أورث أن يقع القوم فيما وقعوا فيه، وذلك أن المسائل العقلية تؤخذ من الخارجيات، من غير دخالة لحاظ أحد فيه، فيكون المرجع الوجدان والشهود والبرهان، والموضوعات المأخوذة في الأدلة تابعة للحاظ المولى ثبوتا ويؤخذ ذلك من الدلالات الواقعة منه