من الإسلام المقاتل، ويجردونه من كل مضامينه، ويهدمون كل أركانه، ولا يبقون منه إلا الشكليات اللازمة للمحافظة على الملك!!!
والمدهش بالفعل، أن أهل بيت النبوة قد استغاثوا فلم يغثهم أحد، واستنصروا فلم ينصرهم أحد، وشرعت السلطة بحرق بيت فاطمة على من فيه وفيه ابنا الرسول، وحرمت السلطة أهل البيت من ميراث النبي، ومن تركته، وجردتهم من ممتلكاتهم. ومع هذا لم ينكر على السلطة منكر، ولم يأمرها أحد بمعروف، ولم ينهها عن منكر، والمدهش أيضا أن تجند السلطة مائة ألف مقاتل لقتال الحسين ومن معه، وهم لا يزيدون عن مائة رجل، ومع هذا لم ينكر عليها منكر، ولم يأمرها أحد بمعروف أو ينهها عن منكر، وبعد أن قتل كل من كان مع الحسين وبقي وحيدا شن جيش الخلافة هجوما شاملا على رجل واحد!! ولهم غاية محددة وهي قتله، والتمثيل به، ومع هذا لم ينكر على الخليفة أو جيشه منكر، ولم يؤمروا بمعروف أو ينهوا عن منكر!! وهذا ما لم يحدث حتى في مجتمع الفراعنة!!! وهكذا حدث ما أخبر به الرسول، وحذر منه. ولاقى أهل بيته القتل والتشريد والتطريد واقترف هذه الجرائم زعماء القوم الذين سمعوا النبي وهو يخبر بما كان، وما هو كائن، ويحذر، وشاهدوه وهو يبكي على ما يفعل القوم بأهل بيته من بعده، وبعد موت النبي تذكرت زعامة القوم تحذيرات النبي، واستذكرت دموعه الشريفة، ولكن تلك الزعامة ارتكبت جرائمها مع سبق الترصد والإصرار، وهي نفس الجرائم التي حذرها النبي منها.
3 - غربة الإسلام والإيمان بعد أن حلت عرى الإسلام بدءا من الحكم وانتهاء بالصلاة، أصبح الإسلام الحقيقي الذي جاء به محمد غريبا على المجتمع، إذ لم يبق من الإسلام إلا الشكليات الضرورية لبقاء الملك، والسيطرة على البلاد المفتوحة باسمه، والمسلمون المؤمنون الحقيقيون الذي بنيت دولة النبي على أكتافهم صاروا فئة قليلة معزولة غريبة غربة تامة عن مجتمع دولة الخلافة، لأن هذه الفئة تمسكت بالقرآن ووالت أهل بيت النبوة، كما أمرت وشكلت مع أهل بيت النبوة الشيعة المؤمنة التي تحمل إرث الأنبياء والتي عاشت معزولة طوال التاريخ البشري،.