الاصطلاح الذي اتفق عليه مناوئو الشيعة وخصومهم وتسموا ب أهل السنة والجماعة ما هي في الحقيقة إلا سنة مزعومة سموها هم وآباؤهم، ما أنزل الله بها من سلطان والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم منها برئ.
فكم كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكم منعت أحاديثه وأقواله وأفعاله أن تصل إلى المسلمين بحجة الخوف من اختلاطها بكلام الله وهي حجة واهية كبيت العنكبوت، وكم من أحاديث صحيحة أصبحت في سلة المهملات ولا يقام لها وزن ولا يعبأ بها، وكم من أوهام وخزعبلات أصبحت من بعده أحكاما تنسب إليه صلى الله عليه وآله وسلم.
وكم من شخصيات وضيعة يشهد التاريخ بخستها وحقارتها، أصبحت بعده سادة وقادة تقود الأمة ويلتمس لأخطائها الأعذار والتأويلات.
وكم من شخصيات رفيعة يشهد التاريخ بسموها وشرف منبتها، أصبحت بعده مهملة لا يعبأ بها ولا يتلفت إليها، بل تكفر وتلعن من أجل مواقفها النبيلة، وكم من أسماء براقة جذابة تخفي وراءها الكفر والضلال، وكم من قبور تزار وأصحابها من أهل النار.
وقد عبر رب العزة والجلالة عن كل ذلك بأحسن تعبير فقال: ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد * وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد (البقرة: 207 - 206).
ولعلي لست مبالغا إذا عملت بالحكمة القائلة: لو عكست لأصبت وعلى الباحث المحقق أن لا يأخذ الأشياء على ما هي عليه بأنها من المسلمات، بل عليه أن يعكسها ويشكك فيها في أغلب الأحيان ليصل إلى الحقيقة المطموسة التي لعبت فيها السياسة كل أدوارها، وعليه أن لا يغتر بالمظاهر ولا بكثرة العدد فقد قال تعالى في كتابه العزيز: وإن نطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (الأنعام: 116).