اغتيال أبيهم وربما عبروا عن ذلك بقولهم لأبيهم: تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين (يوسف: 85).
ومن كل هذا نستنتج بأن السكوت في بعض الأوقات مستحب إذا كان في معارضة الباطل مفسدة أو هلاك أو كان في السكوت عن الحق مصلحة عامة ولو آجلة.
ولا بد أن يفهم من الحديث النبوي الشريف القائل: الساكت عن الحق شيطان أخرس هذا المدلول الذي يتفق مع العقل ومع كتاب الله المجيد.
ولو تتبعنا حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لوجدناه يسكت في كثير من الأوقات لمصلحة الإسلام والمسلمين حسبما يروى في الصحاح من السيرة النبوية كصلح الحديبية وغيرها.
ورحم الله أمير المؤمنين عليا الذي سكت بعد وفاة ابن عمه بأبي هو وأمي، وقال في ذلك قولته المشهورة: وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتين أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا.
ولو لم يسكت أبو الحسن عن حقه في الخلافة، وقدم في ذلك مصلحة الإسلام والمسلمين، لما كان للإسلام بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يعيش أبدا على ما رسمه الله ورسوله.
وهذه هي الحقيقية التي يجهلها أكثر الناس الذين يحتجون علينا دائما بصحة خلافة أبي بكر وعمر لأن عليا سكت عنهما، ويضيفون كما يحلو لهم: لو كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عين عليا للخلافة بعده لما جاز له أن يسكت عنها، لأنها من حقه والساكت عن الحق شيطان أخرس. هذا ما يقولونه ويرددونه.
وهذا لعمري هو الفهم الخاطئ الذي لا يعرف من الحق إلا الذي يتماشى مع ميوله وهواه، ولا يدرك الحكمة التي تتمخض عن ذلك السكوت والمصالح