الآجلة التي لا تقدر بقيمة إذا ما قيست بالمصلحة العاجلة نتيجة الثورة على الباطل الذي له أنصار ومؤيدون كثيرون.
وإذا كان سكوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية على الحق وقبوله بشروط قريش وباطل المشركين، حتى ثارت ثورة عمر بن الخطاب فقال للرسول: أو لست نبي الله حقا؟! أولسنا على الحق وهم على الباطل؟ فلماذا نعطي الدنية في ديننا؟.
أقول: إذا كان سكوته صلى الله عليه وآله وسلم سلبيا بنظر عمر بن الخطاب وأغلب الصحابة الذين حضروه، فإن الواقع يثبت بلا شك أنه إيجابي لمصلحة الإسلام والمسلمين وإن لم تكن تلك المصلحة عاجلة فقد ظهرت نتائجه الإيجابية بعد عام واحد عندما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة المكرمة بدون حرب ولا مقاومة ودخل الناس في دين الله أفواجا عند ذلك استدعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمر بن الخطاب وأطلعه على نتائج سكوته على الحق والحكمة من وراء ذلك.
ونحن إذ نقدم هذه الاستدلالات للتعبير عن الواقع الذي لا مفر منه ألا وهو انتصار الباطل على الحق إذا وجد له أنصار ومؤيدون، فبالرغم من أن عليا مع الحق والحق معه يدور حيث دار إلا أنه لم يجد له أنصارا ومؤيدون لمقاومة معاوية وباطله ولأن هذا الأخير وجد أنصارا كثيرين لمقاومة الحق ودحضه، فالناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم فهم لا يحبون الحق ويميلون مع الباطل فالحق مر وصعب والباطل سهل ميسور.
وصدق الله العظيم إذ يقول: بل جائهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون (المؤمنون : 70).
وانتصر باطل يزيد على حق الحسين لنفس الأسباب كما انتصر باطل الحكام الأمويين والعباسيين على حق الأئمة من أهل البيت الذين استشهدوا كلهم ساكتين لمصلحة الإسلام والمسلمين.
كما غاب الإمام الثاني عشر واختفى خوفا من الباطل وسكت حتى يجد لنصره الحق أعوانا ومؤيدين، عند ذلك يأذن الله له بالخروج لتكون ثورة الحق