أرأيت أيها القارئ العزيز كيف تقلب السياسة الأمور وتجعل من الباطل حقا ومن الحق باطلا! فإذا بالموالين للنبي وعترته تسميهم بالروافض وبأهل البدع، وإذا بأهل البدع الذين نبذوا سنة النبي وعترته واتبعوا اجتهاد الحكام الجائرين تسميهم أهل السنة والجماعة إنه حقا أمر عجيب.
أما أنا فأعتقد جرما بأن قريش هي وراء هذه التسمية وهو سر من أسرارها ولغز من ألغازها.
وقد عرفنا في ما سبق بأن قريشا هي التي نهت عبد الله بن عمرو عن كتابه السنة النبوية بدعوى أن النبي غير معصوم.
فقريش هي في الحقيقة أشخاص معينون لهم نفوذ وعصبية وقوة معنوية في أوساط القبائل العربية، وقد يسميهم بعض المؤرخين ب " دهاة العرب لما اشتهروا به من المكر والدهاء والتفوق في إدارة الأمور، ويسميهم البعض ب أهل الحل والعقد.
ومن هؤلاء أبو بكر وعمر وعثمان وأبو سفيان ومعاوية ابنه وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، ومروان بن الحكم، وطلحة بن عبد الله، وعبد الرحمان بن عوف، وأبو عبيدة عامر بن الجراح وغيرهم (1).
وقد يجتمع هؤلاء للتشاور وتقرير أمر يتفقون عليه فيبرمون أمرهم ويفشونه في الناس ليصبح فيما بعد أمرا واقعا وحقيقة متبعة دون أن يعرف سائر الناس سر ذلك.
ومن هذا المكر الذي مكروه قولهم بأن محمدا غير معصوم وهو كسائر البشر يجوز عليه الخطأ فينتقصونه ويجادلونه في الحق وهم يعلمون.
ومنها شتمهم لعلي بن أبي طالب ولعنهم إياه باسم أبي تراب وتصويره للناس بأنه عدو لله ولرسوله.