ولا شك في أن عبد الله بن عمر كان أقرب الناس لأبيه فكان يسمع آراءه ويعرف أصدقاءه وأعداءه، فشب على ذلك البغض والحقد والكراهية لعلي خاصة ولأهل البيت عامة وترعرع وكبر على ذلك، حتى إذا رأى يوما عليا وقد بايعه المهاجرون والأنصار بعد مقتل عثمان، فكبر ذلك عليه ولم يتحمله وأظهر المكنون من حقده الدفين فرفض أن يبايع إمام المتقين وولي المؤمنين ولم يتحمل البقاء في المدينة فخرج إلى مكة مدعيا العمرة .
ونرى بعد ذلك عبد الله بن عمر يعمل كل ما في وسعه لتثبيط الناس وفك عزائمهم ليحجموا عن نصرة الحق ومقاتلة الفئة الباغية التي أمر الله بمقاتلتها حتى تفئ إلى أمر الله. فكان من الخاذلين الأولين لإمام زمانه المفترض الطاعة.
وبعد مقتل الإمام علي وتغلب معاوية على الإمام الحسن بن علي وانتزاع الخلافة منه، خطب معاوية في الناس قائلا: إني لم أقاتلكم لتصلوا أو تصوموا وتحجوا ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك.
نرى عبد الله بن عمر يسارع عند ذلك إلى بيعة معاوية بدعوى أن الناس اجتمعوا عليه بعد ما كانوا متفرقين!
وأنا أعتقد بأنه هو الذي سمى ذلك العام بعام الجماعة فهو وأتباعه من بني أمية أصبحوا أهل السنة والجماعة من ذلك الوقت وحتى قيام الساعة.
وهل من سائل يسأل ابن عمر ومن يقول بمقالته من أهل السنة والجماعة متى حصل الإجماع على خليفة في التاريخ كالذي حصل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب؟
فخلافة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها وقد تخلف عنها كثير من الصحابة.
وخلافة عمر كانت بدون مشورة بل بعهد من أبي بكر ولم يكن للصحابة فيها رأي ولا قول ولا عمل.
وخلافة عثمان كانت بالثلاثة الذين اختارهم عمر بل تمت باستبداد عبد الرحمان بن عوف وحده.