الصحابة وخصوصا منهم الخلفاء الراشدين، ولو فتحوا قلوبهم وأبصارهم وتصفحوا تاريخهم وكتب الحديث عندهم طلبا للحق ومعرفة الصواب لغيروا عقيدتهم ليس في الصحابة فحسب ولكن في كثير من الأحكام التي يعتبرونها صحيحة وما هي كذلك.
وإني أحاول بهذا المجهود المتواضع أن أبين لإخواني من أهل السنة والجمعة بعض الحقائق التي طفحت بها كتب التاريخ، وأخرج لهم باختصار وجيز النصوص الجلية التي تدحض الباطل وتظهر الحق، عسى أن يكون في ذلك الدواء الناجع لتشتت المسلمين واختلافهم ويعمل على توحيدهم وجمع كلمتهم.
وإن أهل السنة والجماعة كما أعرفهم اليوم ليسوا متعصبين، وليسوا ضد الإمام علي وأهل البيت، بل إنهم يحبونهم ويحترمونهم ولكنهم في نفس الوقت يحبون ويحترمون أعداء أهل البيت ويقتدون بهم باعتبار كلهم من رسول الله ملتمس.
وأهل السنة والجماعة لا يعملون بقاعدة الولاء لأولياء الله والبراءة من أعداء الله، بل يلقون بالمودة للجميع ويترضون على معاوية بن أبي سفيان كما يترضون على علي بن أبي طالب.
وقد بهرتهم هذه التسمية البراقة (أهل السنة والجماعة) ولم يعرفوا خفاياها ودسائسها التي وضعها دهاة العرب ولو علموا يوما بأن علي بن أبي طالب هو مخض السنة المحمدية وهو بابها الذي يؤتى منه للدخول إليها، قد خالفوه في كل شئ وخالفهم، لتراجعوا عن موقفهم ولبحثوا الموضوع بجد، ولما وجدت أهل السنة إلا شيعة لعلي وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولكل ذلك لا بد من كشف حقيقي لتلك المؤامرة الكبرى التي لعبت أخطر الأدوار في إقصاء السنة المحمدية، وإبدالها ببدع جاهلية سببت نكسة المسلمين وارتدادهم عن الصراط المستقيم وتفرقهم واختلافهم ثم تكفير ومقاتلة بعضهم البعض، الشئ الذي سبب تخلفهم العلمي والتقني مما أدى إلى احتلالهم وغزوهم ثم إذلالهم وتحقيرهم وتذويبهم.