بيعلى بن منبه وولاه على بعض بلاد اليمن، ومؤهله أنه كان من الحاقدين على علي بن أبي طالب (1) واستعان ببشر بن أرطأة وإياس بن صبيح وهما من أصحاب مسيلمة النبي الكذاب ومع هذا فقد ولاه عمر القضاء على البصرة (2) واستعان عمر أيضا بطليحة بن خويلد الذي ادعى النبوة بعد وفاة النبي فأعجب به عمر وكتب إلى أمرائه أن يشاوروا طليحة (3) واستعان بمعاوية بن أبي سفيان وأمه آكلة الأكباد، وأبوه رأس الأحزاب، وقد قاد هو وأبوه وأخوته جبهة الشرك أثناء حربها لرسول الله، وألب هو وأبوه وأخوته العرب على رسول الله وجندهم ضده، وحاربوا الله ورسوله بكل وسائل الحرب، حتى أحيط بهم فاضطروا للاستسلام والتلفظ بكلمة الإسلام، ومع هذا ولى عمر أخاه يزيد على الشام ولما مات يزيد ورثه بالولاية أخوه معاوية وأطلق عمر يده في بلاد الشام يتصرف تصرف المالك بملكه حيث قال له: " لا آمرك ولا أنهاك " (4) وكان عمر يمدح معاوية ويوطد له ويقول عنه: " إنه فتى قريش وابن سيدها " (5) وكان يعلم أن معاوية يعد العدة للاستيلاء على منصب الخلافة ومع هذا تركه يكمل استعداده قال عمر لأهل الشورى: " إن اختلفتم دخل عليكم معاوية من الشام " (6) وكان يعلم أن معاوية يستعد لحرب داخلية ومع هذا تركه وشجعه بقوله: " يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق " فليس لدى المالك للخلافة، وللمناصب المتفرعة منها ما يمنع من أن يقدم المتأخرين فيسلمهم ممتلكاته، أو أن يأخر
(٢٤٥)