وبكافة المناصب المتفرقة عنها تصرف المالك بملكه، فالخليفة يولي منصب الخلافة لمن يشاء، ويحرم منه من يشاء، حتى قال ابن خلدون: " إن الخليفة ينظر للناس حال حياته، وتبع ذلك أن ينظر لهم بعد وفاته فيقيم لهم من يتولى أمورهم بعد وفاته " (1) فابن خلدون يصور هذه الحرية المطلقة بالتصرف بمنصب الخلافة كأنها حق مطلق للخليفة الغالب القائم!! فمنصب الخلافة وكافة المناصب المتفرعة عنها أمتعة أو ممتلكات خاصة بتصرف بها الخليفة على الوجه الذي يريد!! ولكن ابن خلدون وأمثاله لا يعطون هذا الحق لرسول الله!! فالخلفاء أصروا على التصرف بمنصب الخلافة وكافة المناصب المتفرعة عنها، دفعا للفتنة، وحتى لا تترك الأمة من بعدهم هملا ولا راعي لها على حد تعبير السيدة عائشة (2) وتجنبا للتفريط وضياع الأمانة على حد تعبير عبد الله بن عمر بن الخطاب، وتلك أمور لحظها الخلفاء، وهم يقولون ضمنا بأن الرسول لم يلحظها!!!.
هذا على مستوى منصب الخلافة، أما على مستوى المناصب المتفرعة عن منصب الخلافة كالإمارات والولايات، وقيادات الجيش والأعمال، وكبار الوظائف فقد كانت مملوكة للخليفة أيضا يتصرف بها تصرف المالك بملكه، فيحرم منها عباد الله المخلصين كسعد بن عبادة وعمار بن ياسر وأبي ذر والمقداد والحباب بن المنذر وغيرهم يحرمها عليهم حرمة دائمة، ويعطيها لأعداء الله السابقين الذين لعنهم الله على لسان رسوله، وحذر منهم رسول الله كمعاوية والحكم بن العاص ومروان بن الحكم وعبد الله بن أبي سرح وأمثالهم والأعور السلمي الذي شهد حنينا مشركا وقد لعنه رسول الله، ومؤهله الوحيد أنه كان من أشد المبغضين للإمام علي، لقد استعان به عمر وجعله على مقدمة جيش (3) واستعان أيضا