بعض أهل الشام هذا الخبر المروي في حق عمار بن ياسر وحق قاتليه صار عند بعضهم الاضطراب وبعض التوقف فكيف لو سمعوا بشئ مما ذكرناه ونقلوا لهم بعض ما رويناه مما هو مجمع على صحته وصدوره وروايته وإن كان أكثرهم أتباع كل ناعق وجلهم مسوقا لسائق وقد أنصف ابن أبي الحديد في هذا المقام حيث أشار إلى ما ذكرناه من الكلام فإنه لما نقل حديث ذي الكلاع الحميري في صفين عن عمار بن ياسر (رض) أهو مع أصحاب علي (ع) فقال له عمرو بن العاص حدثنا أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يلتقي أهل الشام وأهل العراق وفي إحدى الكتيبتين الحق وإمام الهدى ومعه عمار بن ياسر (رض) فقال أبو نوح (ره): نعم أنه لقينا (قال ابن أبي الحديد) قلت وا عجباه من قوم يعتريهم الشك في أمرهم لمكان عمار ولا يعتريهم الشك لمكان علي (ع) ويستدلون على أن الحق مع أهل العراق بكون عمار بين ظهورهم ولا يستدلون بمكان علي (ع) ويحذرون من قول النبي صلى الله عليه وآله تقتلك الفئة الباغية ويرتاعون لذلك ولا يرتاعون لقوله صلى الله عليه وآله: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) ولا قوله صلى الله عليه وآله: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) وهذا يدلك على أن عليا (ع) اجتهدت قريش كلها من مبدأ الأمر في إخماد ذكره وستر فضائله وتغطية خصائصه حتى محي فضله ومرتبته من صدور الناس إلا قليلا انتهى كلامه وهو صريح في أن أئمته وتابعيهم من قريش كلهم اجتهدوا في ستر فضائل أمير المؤمنين (ع) وإخفاء مناقبه ومن جملة تلك النصوص على خلافته والأحاديث الدالة علي إمامته ليسقط قدره ويطفئوا نوره (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) ولقد أظهر الله لهم من ذينك الإخفاءين ما قد ملأ الخافقين وعطر المشرقين والمغربين وفي الأمثال المشهورة (كناقل التمر إلى هجر) وعنى بها البحرين وهو كناية
(٢٥)