وظيفة يجريها عليه لذلك وكان الشيخ محمد بن سليمان المذكور في أول أمره فقيرا سئ الحال وهذا كان في أول أمر كل من الشيخين المذكورين حتى وفق الله سبحانه لبلوغ كل منهما الرتبة العليا والفوز بسعادة الدنيا والأخرى وتلمذا معا على الشيخ علي بن سليمان المتقدم ذكره (يعني به العلامة القدمي) وكان الشيخ سليمان مع اشتغاله بالتدريس وملازمة العلم مشغولا بأمر التجارة وكان جوادا كريما إماما في الجماعة في القرية المذكورة في مسجد القدم المعروف في تلك القرية وحكى لي والدي أنه إذا كان وقت الغوص وأتت سفن أهل القرية من الغوص مضى الشيخ واشترى جميع ما أتي من اللؤلؤ والأقمشة وكان تجار بلاد البحرين الذين يشترون اللؤلؤ يقصدون بيت الشيخ المزبور حيث أن أهل القرية لا يبيعون على أحد غيره فكان الشيخ يبيع ذلك عليهم بالمرابحة والقسمة بينهم بحيث لا يرجع أحد منهم خائبا، ومن عجائب الزمان ما حكاه لي والدي (قدس سره) أيضا إنه إذا كان رجل من قرية بني جمرة وهي قريب قرية الدراز قد باع على الشيخ المزبور لؤلؤ كبيرة مجهولة بقيمة قليلة واتفق أن الشيخ أعطاها من يصلحها وصارت جيدة فباعها بما يقرب من خمسين تومانا، فلما جاء البائع من الغوص قال له الشيخ: إن اللؤلؤة التي اشتريناها منك قد بيعت بهذا الثمن والقيمة الزائدة وأنا إنما أخذتها منك بشئ قليل فأنا آخذ رأس مالي من هذا الثمن والباقي لك فامتنع الرجل وقال: إني بعتك والمال مالك ولو ظهرت فاسدة فنقصها عليك وعلى هذا فالزائد لك، فامتنع الشيخ من القبول حتى حصل من صالح بينهما بأن أعطى الرجل بعضا وأعطى الشيخ البعض الآخر، توفي الشيخ المذكور في كربلاء المعلى في السنة الخامسة والثمانين بعد الألف ورثاه أخوه الشيخ عيسى (ره) بقصيدة أولها:
(١٦٠)