الباعث، بل تارة: يكون ذلك مقصودا، وتارة: يجرد قصد الشخص المزور من غير شعور بما سواه.
وقوله: (إن مقصود الزيارة يحصل من بعد) ممنوع، فإن الميت يعامل معاملة الحي، فالحضور عنده مقصود، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما خرج فيه ليلة عائشة إلى البقيع، فقام فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات... الحديث المشهور، وفيه:
أن عائشة سألته فقال: (إن جبرئيل أتاني فقال: إن ربك عز وجل يأمرك أن تأتي أهل البقيع وتستغفر لهم).
قالت فقلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟
قال: قولي: (السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) رواه مسلم (1).
فانظر كيف خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى البقيع بأمر الله تعالى يستغفر لأهله، ولم يكتف بذلك من الغيبة، وهذا أصل في الإتيان إلى القبور لزيارة أهلها للاستغفار لهم.
وقد سألت عائشة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كيف تقول؟ تعني إذا فعلت كفعله، وعلمها، وفي ذلك دليل على أنه يجوز لها وللنساء، الإتيان إلى القبور لهذا الغرض، لأن سؤالها ذلك كان بعد رجوعهما إلى البيت، فلم يكن المقصود منه:
كيف أقول الآن؟ وإنما معناه كيف أقول مرة أخرى؟ فلو كان لا يجوز لها ذلك لبينه لها.