أن يمشي.
قال عبد الملك بن حبيب في كتاب (الواضحة): فكذلك من نذر أن يمشي إلى مسجده الذي يصلي فيه جمعته، أو مكتوبته، فعليه أن يمشي إليه، وليس ذلك بلازمه فيما نأى عنه من المساجد لا ماشيا، ولا راكبا، وكذلك روى ابن وهب وغيره عن مالك إلا المساجد الثلاثة، فيلزمه في المسجد الحرام ما نذر من مشي أو ركوب، ولا يلزمه في المسجدين - مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيت المقدس - المشي إليهما، ويلزمه أن يأتيهما راكبا للصلاة فيهما.
هذا كله في قصد المكان بعينه، أو قصد عبادة فيه تمكن في غيره.
أما قصده بغير نذر لغرض فيه - كالزيارة وشبهها - فلا يقول أحد فيه بتحريم ولا كراهة.
فإن قلت: فقد قال النووي في (شرح مسلم) (1) في باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج: اختلف العلماء في شد الرحال وإعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة، كالذهاب إلى قبور الصالحين، وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك، فقال الشيخ أبو محمد من أصحابنا: هو حرام، وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره.
والصحيح عند أصحابنا - وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون - أنه لا يحرم ولا يكره، قالوا: والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة، والله أعلم، انتهى كلام النووي.
وقد جعل الذهاب إلى قبور الصالحين من محل الخلاف.
قلت: رحم الله النووي، لو اقتصر على المنقول أو نقده حق النقد لم يحصل خلل، وإنما زاد التمثيل فحصل الخلل من زيادته.