بظاهر النهي.
وقال الشيخ أبو علي: لا يكره، ولا يحرم، ولكن أبان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن القربة المقصودة في قصد المساجد الثلاثة، وما عداها ليس في قصد أعيانها قربة، قال: وهذا حسن لا يصح عندي غيره.
قلت: ويمكن أن يقال: إن قصد بذلك التعظيم فالحق ما قاله الشيخ أبو محمد، لأنه تعظيم لما لم يعظمه الشرع، وإن لم يقصد مع عينه أمرا آخر، فهذا قريب من العبث، فيترجح فيه ما قاله الشيخ أبو علي، ولا نعلم في مذهبنا غير ذلك.
وذهب الداودي إلى أن ما قرب من المساجد الفاضلة من المصر، فلا بأس أن يؤتى مشيا وركوبا، استدلالا بمسجد قباء، ولا يدخل تحت النهي في إعمال المطي، لأن الإعمال وشد الرحال لا يكون لما قرب غالبا.
ونقل القاضي عياض عن بعضهم: أنه إنما يمنع المطي للناذر، وأما غير الناذر ممن يرغب في فضل مشاهد الصالحين فلا.
فهذه أربعة مذاهب في إتيان ما سوى الثلاثة من المساجد، وعلى المذهب الرابع المفصل بين أن يكون بالنذر أو بغيره، حمل بعضهم إتيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسجد قباء، لأنه كان بغير نذر، ولا حرج فيه، بل متى خف عليه فعل القربة.
فيجئ في نذر ما سوى الثلاثة من المساجد ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنه لا يصح، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور.
والثاني: يصح مطلقا، وهو مذهب الليث بن سعد.
والثالث: يلزم ما لم يكن بشد رحل، كمسجد قباء، وهو قول محمد بن مسلمة المالكي.
وقد روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم: أن عبد الله بن عباس سئل عمن جعل على نفسه مشيا إلى مسجد قباء وهو بالمدينة؟ فألزمه ذلك، وأمره