كل مسجد وإلى كل مكان، فلا يجوز أن يكون هو المراد.
وقد يقال على بعد: إن خروج تلك المسائل بأدلة على سبيل التخصيص للعموم، فلا يمنع من إرادته في الباقي.
وهذا لو قيل به، فتقدير المساجد أيضا أولى من تقدير الأمكنة، لعلة التخصيص، إذ التخصيص على تقدير إضمار الأمكنة أكثر، فيكون مرجوحا.
ثم على هذا التقدير: فالسفر بقصد زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم غايته مسجد المدينة، لأنه مجاور للقبر الشريف، فلم يخرج السفر للزيارة عن أن تكون غايته أحد المساجد الثلاثة، وهو المراد على هذا التقدير (1).
وإما أن يجعل المساجد أو الأمكنة علة فقط، ويكون قد عبر ب (إلى) عن اللام، أو غاية وعلة من باب تخصيص العام بأحد حاليه، لأن غاية السفر قد يكون هو العلة، وقد لا يكون، فيكون المراد النوع الأول، وهو ما يكون علة مع كونه غاية.
ومعنى كونه علة: أنه يسافر لتعظيمها، أو للتبرك بالحلول فيها، أو بأن يوقع فيها عبادة من العبادات التي يمكنه إيقاعها في غيرها، من حيث أن إيقاعها فيها أفضل من إيقاعها في غيرها، وكل ذلك إنما نشأ من اعتقاد فضل في البقعة زائد على غيرها، فنهي عن ذلك إلا في المساجد الثلاثة، وهذا هو المراد، وغيرها من الأماكن والمساجد لا يؤتى إلا لغرض خاص لا يوجد في غيره، كالثغر للرباط الذي لا يوجد في غيره.
وعلى هذا التقدير أيضا، المسافر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدخل في الحديث، لأنه لم يسافر لتعظيم البقعة، وإنما سافر لزيارة من فيها، كما لو كان حيا وسافر إليها فيها