قلت: قال القاضي عياض: قد اختلف في معنى ذلك:
فقيل: كراهية الاسم، لما ورد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لعن الله زوارات القبور).
وهذه يرده قوله: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) وقوله: (من زار قبري...) فقد أطلق اسم (الزيارة).
وقيل: لأن ذلك ما قيل: (إن الزائر أفضل من المزور).
وهذا أيضا ليس بشئ، إذ ليس كل زائر بهذه الصفة، وليس عموما، وقد ورد في حديث أهل الجنة: (لزيارتهم لربهم)، ولم يمنع هذا اللفظ في حقه.
والأولى عندي: أن منعه وكراهة مالك له، لإضافته إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه لو قال: (زرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكرهه، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) فحمى إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبيه بفعل أولئك، قطعا للذريعة، وحسما للباب، والله أعلم.
هذا كلام القاضي (1)، وما اختاره يشكل عليه قوله: (من زار قبري) فقد أضاف الزيارة إلى القبر، إلا أن يكون هذا الحديث لم يبلغ مالكا، فحينئذ يحسن ما قاله القاضي في الاعتذار عنه، لا في إثبات هذا الحكم في نفس الأمر.
ولعله يقول: إن ذلك من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا محذور فيه، والمحذور إنما هو في قول غيره.
وقد قال عبد الحق [الصقلي]، عن أبي عمران المالكي: إنه قال: إنما كره مالك أن يقال: (زرنا قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم) لأن الزيارة من شاء فعلها، ومن شاء تركها، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجبة -.
قال عبد الحق: يعني من السنن الواجبة، ينبغي أن لا تذكر الزيارة فيه، كما