آثارا، منها بإسناد صحيح أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر، أتى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه.
وروى عبد الرزاق في هذا الباب أيضا أن سعيد بن المسيب رأى قوما يسلمون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما.
ثم روى عبد الرزاق فيه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (مررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي في قبره) (1).
كأنه قصد بذلك رد ما روي عن ابن المسيب، وهو رد صحيح، وما ورد عن ابن المسيب ورد فيه حديث نذكره في باب حياة الأنبياء.
وقد وري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه لما حصر، أشار بعض الصحابة عليه بأن يلحق بالشام فقال: لن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها.
وهو مخالف لما قال ابن المسيب رحمه الله وهو الصحيح، وكذلك ما ذكرناه عن ابن عمر.
ثم لو صح قول ابن المسيب، لم يمنع من استحباب زيارة القبر، لشرفه بحلوله فيه، ونسبته إليه، كما قال الشاعر:
أمر على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا وابن المسيب رحمه الله لم ينكر التسليم، وإنما ذكر عدم الفائدة.