حيث الفعل وافحام من حيث الكسر ففرغ من ذلك كما قال الله تعالى * (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم) * وابتدأ بابطال مذاهب عبدة الكواكب على صيغة الموافقة كما قال تعالى * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض) * اى كما آتيناه الحجة كذلك نريه المحجة فساق الالزام على أصحاب الهياكل مساق الموافقة في المبدا والمخالفة في النهاية ليكون الالزام أبلغ والافحام أقوى والا فإبراهيم الخليل عليه السلام لم يكن في قوله * (هذا ربي) * مشركا كما لم يكن في قوله * (بل فعله كبيرهم هذا) * كاذبا وسوق الكلام من جهة الالزام غير سوقة على جهة الالتزام فلما اظهر الحجة وبين المحجة وقرر الحنيفية التي هي الملة الكبرى والشريعة العظمى وذلك هو الدين القيم وكان الأنبياء من أولاده كلهم يقررون الحنيفية وبالخصوص صاحب شرعنا محمد صلوات الله عليه كان في تقريرها قد بلغ النهاية القصوى وأصحاب المرمى وأصمى ومن العجب ان التوحيد من أخص أركان الحنيفية ولهذا يقترن نفى الشرك بكل موضع ذكر الحنيفية * (حنيفا وما كان من المشركين) * * (حنفاء لله غير مشركين به) * ثم ان التثنية اختصت بالمجوس حتى اثبتوا أصلين اثنين مدبرين قديمين يقتسمان الخير والشر والنفع والضر والصلاح والفساد يسمون أحدهما النور والاخر الظلمة وبالفارسية يزدان واهرمن ولهم في ذلك تفصيل مذهب ومسائل المجوس كلها تدور على قاعدتين اثنتين إحداهما بيان سبب امتزاج النور بالظلمة والثانية بيان سبب خلاص النور من الظلمة وجعلوا الامتزاج مبدأ والاخلاص معادا
(٢٣٢)