وأما ما ذكره ثانيا، فبطلانه أوضح، إذ للخصم أن يعيد عليه نفس الكلام فيقول: إن الحديث يتناول جميع منازل هارون نفيا وإثباتا، لكن عدم مباشرة عمل الإمامة قد خرج بدليل مخرج... فالمعارضة ساقطة...
تذييل:
إن للجاحظ كلمات في تفضيل أهل البيت عليهم السلام على سائر الناس مطلقا، فقد ذكر أبو إسحاق القيرواني ما نصه:
" فصل - لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في ذكر قريش وبني هاشم:
قد علم الناس كيف كرم قريش وسخاؤها، وكيف عقولها ودهاؤها، وكيف رأيها وذكاؤها، وكيف سياستها وتدبيرها، وكيف إيجازها وتحيرها، وكيف رجاحة أحلامها إذا خف الحليم، وحدة أذهانها إذا كل الحديد، وكيف صبرها عند اللقاء وثباتها في اللأواء، وكيف وفاؤها إذا استحسن الغدر، وكيف جودها إذا حب المال، وكيف ذكرها لأحاديث غد وقلة صدودها عن جهة القصد، وكيف إقرارها بالحق وصبرها عليه، وكيف وصفها له، ودعاؤها إليه، وكيف سماحة أخلاقها وصونها لأعراقها، وكيف وصلوا قديمهم بحديثهم وطريفهم بتليدهم، وكيف أشبه علانيتهم سرهم، وقولهم فعلهم، وهل سلامة صدر أحدهم إلا على قدر بعد غوره؟ وهل غفلته إلا في وزن صدق ظنه؟ وهل ظنه إلا كيقين غيره؟ وقال عمر: إنك لا تنتفع بعقله حتى تنتفع بظنه. قال أوس بن حجر:
الألمعي الذي يظن بك الظن * كأن قد رأى وقد سمعا وقال آخر: